كثيرا ما يذكرنا رؤساء وكتاب الغرب بضرورة احترام حقوق الإنسان، وهي الحقوق التي لا نجدهم يحترمونها إلا مع الإنسان المسيحي واليهودي الأبيض، وبينما يتجاهلونها بل ويخالفونها مع الإنسان المسلم والعربي، والأسود حتى لو كان مسيحيا أميركيا أو يهوديا حبشيا، والأمثلة كثيرة في فلسطين والعراق والصومال والسودان وأفغانستان وإيران وباكستان.
وأبرز الأمثلة وضوحا على الازدواجية والانتقائية والنفاق الغربي فيما يتصل بتلك الحقوق هو ما يتصل بتجريم القوانين الغربية لـ «إنكار المحرقة النازية ضد اليهود في أوروبا»، ونحن معهم نجرم المحرقة إذا ثبتت ولا ننكرها إذا وقعت باعتبارها وكل عمل مماثل لها جريمة ضد الإنسانية تستحق الازدراء، لكن القوانين الغربية لا تحرم ولا تجرم «ارتكاب المحرقة الصهيونية ضد الفلسطينيين المسلمين والمسيحيين» في غزة والضفة والقدس.
والأمثلة على ازدواجية المعايير الغربية والتناقض بين الأقوال والأفعال، وبين إنسانية الكلام وشيطانية التطبيق كثيرة وآخرها، قتل 400 طفل عربي ليبي مسلم على يد أوروبيين، وذلك باتخاذهم الأطفال حقلا للتجارب وحقنهم بالفيروس المسبب لمرض الإيدز القاتل عمدا باعترافات المتهمين الأوروبيين في تحقيقات قضائية، ومع ذلك قال الأوروبيون. أبدا ليست جريمة.
وعند ثبوت الجريمة الجنائية اللاإنسانية بحكم المحكمة قاضية بإعدام المجرمين، قامت قيامتهم باسم حقوق الإنسان رفضا لحكم الإعدام، وعن ما خفض القضاء العقوبة إلى السجن المؤبد، ادعوا تعرضهم للتعذيب لقلب الصورة فإذا الجاني الأوروبي مدعي وإذا المجني عليهم العرب هم المتهمون، وعندما تم تثبيت الحكم بالسجن طالب الأوروبيون الحقوقيون بالإفراج عن المدانين !!.
لكن تقوم القيامة ولا تقعد بنفاق رخيص ضد وزير العدل الأسكتلندي الذي اتخذ قراره الشجاع بالإفراج لأسباب إنسانية طبقا للقانون الأسكتلندي متجاهلا الاعتراض السياسي الأميركي، عن متهم عربي ليبي أدانته المحكمة بحكم مطعون عليه في جريمة معظم الشواهد تقول أنه لم يرتكبها مقابل تنازله عن الطعن.
وتشن حملة من الانتقادات ضد استقبال الليبيين لابنهم العائد بعد طول غياب، «البريء» في نظرهم، و«المريض» الذي دفع بالسجن ثمن رفع الحصار الظالم نيابة عن شعبه، بينما رحب الأوروبيون بالإفراج عن المدانين الأوروبيين الخمسة فور وصولهم إلى صوفيا واستقبلوهم استقبال الأبطال في المطار بحضور الرئيس البلغاري بالمخالفة لما تم الاتفاق عليه، عندما قبلت ليبيا العربية المسلمة لأسباب إنسانية وبوساطة فرنسية نقلهم لبلغاريا لقضاء العقوبة في سجون بلادهم!!.
بل لقد تم تكريم المجرمين الأوروبيين في البرلمان الأوروبي واستقبلهم النواب وقوفا وكأنهم بقتلهم مئات الأطفال العرب أصبحوا أبطالا يستحقون التصفيق الأوروبي !!.. فلماذا هذا الكيل الفاضح بمكيالين يا أدعياء حقوق الإنسان ؟!.
ومن الأمثلة الصارخة أيضا تحريم القوانين الغربية الإساءة إلى اليهود وأحيانا إلى إسرائيل باعتبارها تهمة تسمي «معاداة السامية»، في حين تتجاهل إسرائيل والغرب والصهاينة اليهود، أن العرب المسيحيين والمسلمين هم ساميين أيضا ولكن بلا حقوق إنسانية بالحصار والجدار والاحتلال والعدوان والتشريد كلاجئين، ومع ذلك فإن «معاداة الإسلام» والتطاول على رموزه وأنبيائه والإساءة إلى المسلمين غير محرم ولا مجرم في قوانينهم باسم معاداة السامية، بل محرض عليه باسم «حرية التعبير» كحق من حقوق الإنسان، وبينما التعبير الراقي هو نوع من الأدب، فهناك خلط متعمد لديهم بين حرية التعبير أي حرية الأدب، و«حرية التطاول» أو حرية قلة الأدب !