بقلم يحي خليفه
نحن نعيش في عالم مزعج، مشتت، تتقاتل فيه مئات الأشياء على انتباهنا واهتمامنا. التلفاز .. الإيميلات.. فيس بوك .. توتير.. سناب شات.. مدونات، مواقع إخبارية، تحليلات، فيديوهات، عشرات النوافذ المفتوحة في أجهزتنا.. مئات الإعلانات في كل مكان. نحن مرتبطين بكل الأحداث، بكل ما يجري في هذا العالم الواسع من آلام وأفراح أكثر مما ينبغي. نحن نتابع مئات الأشخاص ، أعمالهم ، أحداث يومهم بدون أن نعرفهم أو يجمعنا حتى حوار شخصي واحد. لكل هذا نتائج خطيرة لا يمكن إغفالها ، فعقولنا تتشكل بالأنشطة والأفكار التي تحتلها، وحين تكون عقولنا تمارس طول الوقت هذا النوع من الأنشطة القصيرة السطحية المعتمدة على محفزات خارجية و مكافاة سريعة والتي لا تتطلب جهد ذهني حقيقي، فإنها تفقد قدرتها مع الوقت على القيام بأي نشاط عميق يتطلب وقتاً طويلا و تركيزاً و جهدا ذهنياً حقيقياً، و هذا يعني عجزنا عن تقديم أي عمل ذا قيمة حقيقية للعالم. كلمة السر لإدارة الانتباه و الانتقال من العمل السطحي إلى العمل العميق هي ” التركيز “.
حيث بات اللايك والكومنت بمثابة الدفعة والشراع لانفعالات مستخدم السوشيال ميديا، يتحكمان في مشاعر الحزن والفرح، ويفسدان عليه حياته الطبيعية، ويحتكران اهتمامه، ويسرقان حريته ، لم تعد القيمة معيار الحكم، التفاعل فقط هو من يرفع صاحبه إلى قمة الترند ويحوله إلى بطل حتى ولو كان مجرما، ما جعل المستخدمين يلهثون خلف اللايك والكومنت من أجل الحصول على ثروة إليكترونية تمكنهم من الظهور والاستعراض ، ولكن استخدام السوشيال ميديا يختلف من شخص إلى آخر، الذى يرى أن من يقعون تحت تأثير السوشيال ميديا هم الشخصيات العصابية الذين يفرحون بلايك، ويستطيع “كومنت” أن يعكر مزاجهم ويقلب يومهم.
أن تلك الشخصيات تتمكن منها الشائعات التى تمتلئ بها وسائل التواصل الاجتماعي مهما كان مصدرها مجهولا، وهذا يسبب لها الكثير من الأمراض العضوية مثل السكر والقلب، وهناك من تصيبه الأخبار (الكاذبة) بجلطات فى المخ ، حيث أن الشخصية العصابية تتضرر دائما من الأخبار والشائعات والضغوط، لافتا أن نسبة السيدات أكثر عددا فى هذه الفئة نتيجة الهرمونات التى توجد لديهن سلوك بشرى ، وأن “اللايك” صلة كاذبة بين الأشخاص، والسوشيال ميديا وسيلة لقطع صلة الرحم، كما أن صفحة الفيسبوك وما ينشر عليها ليست دليلا أبدا على الشخصية الأصلية، على العكس، فهى تكون فى أغلب الأحيان بمثابة قناع مغلف بالطابع الدينى بهدف التضليل.
هؤلاء الشباب لديهم لغة جديدة يتحدثون بها، وهي لغة الإيموشن يستخدمونها للتعبير عن الكلام، ما يؤثر على العقل البشرى بدليل أننا نرى كأطباء نفسيين أن هذا الجيل يتعامل مع الهاتف بشكل سلس وسهل، وهو مرح جدا على السوشيال ميديا، ولكن عندما تقابله وجها لوجه لا يتفاعل معك أبدا، لأنه لم يتدرب على تلك التعبيرات فى الواقع