أثارت قرارات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشن ضربات عسكرية على إيران دون تفويض من الكونجرس أو تشاور مسبق جدلاً حاداً في أروقة الكابيتول، وفقاً لما أشارت اليه صحيفة نيويورك تايمز، ما أدى إلى انقسام عميق داخل الحزبين الديمقراطي والجمهوري حول الصلاحيات الدستورية للرئيس في استخدام القوة العسكرية والدور الذي يجب أن يلعبه الكونجرس في قرارات الحرب والسلام.
الموقف الجمهوري المنقسم بين التأييد والانتقاد
دافع رئيس مجلس النواب مايك جونسون بقوة عن حق الرئيس في شن الضربات، مؤكداً خلال مؤتمر صحفي يوم الاثنين أن “القائد الأعلى للقوات المسلحة يتمتع بمسؤوليات في إطار المادة الثانية من الدستور”، حسبما نقلت نيويورك تايمز.
وأضاف جونسون أن هذه المسؤوليات “جدية ومهمة للغاية، خاصة في أوقات كهذه”، معتبراً أن ترامب “استخدم هذه الصلاحية بحكمة”.
ورفض جونسون بشدة التصويت على قرار مشترك بين الحزبين يهدف لإعادة تأكيد صلاحيات الكونجرس في الحرب، والذي يقدمه النائبان توماس ماسي الجمهوري من كنتاكي وروخانا الديمقراطي من كاليفورنيا، واصفاً القرار بأنه “مجرد سياسة”.
وبرر جونسون موقفه بالإشارة إلى أن رؤساء من الحزبين اتخذوا إجراءات عسكرية مهمة دون موافقة الكونجرس، غالباً دون مقاومة تذكر من حلفائهم في الكابيتول.
لكن النائب الجمهوري توماس ماسي، المعروف بانتقاده المتكرر لترامب، خرق الصفوف الجمهورية بوصف الضربات بأنها “غير دستورية” عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وقد رد ترامب بهجوم شخصي حاد على ماسي يوم الاثنين، متهماً إياه بخيانة حركة “ماجا” التي قال إنها “لا تحترمه”.
كما بدأ اثنان من كبار المستشارين السياسيين لترامب حملة لإطاحة ماسي، الذي يخدم فترته السابعة، بحسب موقع “أكسيوس”.
وفي مقابلة إذاعية يوم الاثنين، اقترح ماسي أن هذه التهديدات تهدف لردع الجمهوريين الآخرين عن كسر الصفوف، قائلاً لإذاعة WBT 1110 AM في شارلوت بولاية كارولاينا الشمالية: “لقد هاجمني من قبل؛ لا أغير مواقفي. ما يحاول فعله هو إبقاء الجمهوريين الآخرين في حالة خوف”.
وأشارت نيويورك تايمز إلى أن هذه الاستراتيجية تبدو فعالة، حيث لم ينضم سوى عدد قليل من الجمهوريين لانتقاد الضربات، أبرزهم النائبة مارجوري تايلور جرين من جورجيا، التي تجنبت مهاجمة ترامب مباشرة لكنها ألقت اللوم على “المحافظين الجدد ودعاة الحرب ومقاولي المجمع الصناعي العسكري وشخصيات التلفزيون المحافظة الجديدة” لتأثيرهم على قرار وصفته بالمدان.
المعارضة الديمقراطية الحادة وطلب الإحاطات الأمنية
أظهر الديمقراطيون غضباً شديداً من القرار الأحادي لترامب، حيث وصفه زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس النواب حكيم جيفريز بأنه تجاوز غير دستوري لصلاحيات الرئيس.
وقال جيفريز خلال مؤتمر صحفي في الكابيتول، وفقاً لنيويورك تايمز: “استخدام القوة العسكرية ذات الطبيعة الهجومية يجب أن يحصل على موافقة مجلسي النواب والشيوخ. هذا ليس اختيارياً يا دونالد”.
وأضاف جيفريز أن المشرعين لم يروا “أي دليل حتى تاريخه” يبرر الضربات على إيران قانونياً أو يثبت وجود “تهديد وشيك” للولايات المتحدة، مطالباً الإدارة: “إذا كانت الإدارة تملك أدلة على العكس، فلتأت لتقدمها”، كما انتقد جيفريز عدم حصول القيادات العليا على الإحاطة السرية المعتادة التي تصاحب مثل هذه العمليات العسكرية.
وفي بيان منفصل، طالب زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر بإحاطة أمنية سرية فورية عقب الهجوم الإيراني المضاد يوم الاثنين على قاعدة أمريكية في قطر، قائلاً: “القانون يتطلب من إدارة ترامب التشاور مع الكونجرس. الدستور يطالب بذلك. والشعب الأمريكي – خاصة عائلات من هم في خطر – يستحق ذلك”.
كما أصدرت السيناتورتان جين شاهين من نيو هامبشاير وكريس كونز من ديلاوير بياناً مشتركاً يوم الاثنين دعتا فيه لتهدئة التصعيد والدبلوماسية، مشيران: “الكونجرس الآن في اليوم العاشر من عدم تلقي أي إحاطة رسمية من الإدارة أو الحصول على أي معلومات لتقديمها للأمريكيين المعرضين للخطر”.
أصوات ديمقراطية مؤيدة تكسر الإجماع الحزبي
رغم المعارضة الواسعة داخل الحزب الديمقراطي، كسر بعض الأعضاء البارزين الإجماع الحزبي بتأييدهم للعملية العسكرية، إذ وصف السيناتور جون فيترمان من ولاية بنسلفانيا الضربة بأنها “مناسبة تماماً” خلال مقابلة مع قناة فوكس نيوز يوم الاثنين، مستبعداً المخاوف الدستورية وقائلاً: “الأمر لم يكن متعلقاً بعدم الدستورية أو أي شيء من هذا القبيل. لقد كان اشتباكاً عسكرياً محدوداً جداً، ثم قضى عليهم وألحق بهم أضراراً بالغة”.
من جهته، أشاد النائب الديمقراطي ستيني هوير من ولاية ماريلاند بالعملية، واصفاً إياها في بيان بأنها “ضرورية لمنع إيران من تطوير سلاح نووي”.
وأشار هوير إلى أن كل رئيس أمريكي منذ جيمي كارتر أكد أن إيران المسلحة نووياً غير مقبولة وأن الولايات المتحدة يجب أن تكون مستعدة للتحرك لمنع ذلك.