استقبل السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم الإثنين، الرئيس اللبناني جوزاف عون، حيث جرت مراسم الاستقبال الرسمية تخللها عزف السلامين الوطنيين للبلدين.
وصرح السفير محمد الشناوى، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، بأن الرئيسين عقدا اجتماعاً مغلقاً أعقبته جلسة مباحثات موسعة بمشاركة وفدي البلدين، حيث ناقش الطرفان سبل تعزيز العلاقات الثنائية، لا سيما في المجالات الإقتصادية، والبنية التحتية، والطاقة، وجهود إعادة الإعمار، كما تناولت المباحثات آليات دعم إستقرار لبنان الشقيق، وإستعادة الأمن والسلم الإقليميين في ظل التحديات الكبيرة التي تواجه المنطقة.
وأضاف السفير محمد الشناوي، المتحدث الرسمي، بأن الرئيسين عقدا مؤتمراً صحفياً استعرضا فيه نتائج المباحثات.
وفيما يلي نص كلمة الرئيس اللبناني خلال المؤتمر الصحفي:
«السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيسُ جمهوريةِ مِصرَ العربية، أيها الأخُ العزيز، إنّ ذاكرةَ الناس، هي مستودعُ الحقيقة الأكثر صدقاً وعمقاً، فحين يقولون أنّ مصرَ أمُ الدنيا، وأنّ بيروتَ ستُ الدنيا، فهم يؤكدون للعالمِ أجمع، اننا أُخْوة أشقاء، منذ أزلِ الدنيا وحتى أبدِها، وأخوّتُنا هذه هي فعلاً، من عمرِ التاريخ، ففي معبدِ الكَرْنَك نقشٌ يحكي عن جبيل، منذ أكثرَ من ثلاثةِ آلافِ سنة، وفي قلوبِنا جميعاً، نقوشٌ عن أُخوّتِنا، باقية لآلافٍ من التاريخِ الآتي».
وأضاف الرئيس اللبناني: «ومنذ البداية، جمعتنا نوازعُ الحرية، فحين أُسكتت أقلامُ بيروت، فاضت أدباً وصحافةً وسياسة، على ضفافِ النيل، ويومَ حريقِ القاهرة، اتشحت بيروتُ بالسّواد».
وتابع: «السيد الرئيس.. إنّ أُخوّتَنا العريقة هذه، أمانةٌ بين أيدينا اليوم، لنجدِّدَها في عالمِنا المعاصر، ولنبعثَها حيةً خلاقةً، في منطقتِنا العربية الراهنة، وتجديدُ الأُخوّة في هذا الزمن، يقتضي منا ترسيخَها على مفهومِ عروبةِ المستقبل، لا الماضي، أي على ضمانِ مصالحِ شعوبِنا ومنطقتِنا، في عصرٍ ثوريٍ يتطورُ ذاتياً وآنياً، لذلك دعوتُ وأكرّرُ من هنا، إلى قيامِ نظامِ المصلحة العربية المشتركة، ومن أُولى ركائزِه، إقامةُ هيئةٍ جديةٍ، ناظمةٍ للمصالحِ المشتركة بين دولِنا وشعوبِنا وبلدانِنا، إننا نحلمُ ونطمحُ إلى إقامةِ سوقٍ إقليميةٍ مشتركة، قد نبدأُها بخطوةٍ واحدة فقط، بين بلدين اثنين لا غير، ثم نتوسّعُ بها عبرَ القطاعاتِ والجغرافيا، حتى نحققَ خيرَ بلداننا وشعوبِنا كافة».
وواصل الرئيس اللبناني كلمته: «السيد الرئيس.. إنّ تطلعاً طموحاً كهذا، يحتاجُ إلى استقرارٍ في منطقتنا، والاستقرارُ الثابت، لا يقومُ إلا على سلامٍ دائم، والسلامُ الدائم، لا يُبنى إلا على العدالة، والعدالة لها تعريفٌ واحدٌ وحيد: ألا وهو إعطاءُ كلِ الحقوق، لكلِ أصحابِها، وهذا ما أقرته الدولُ العربية في مبادرةِ بيروتَ للسلام سنة 2002، وهذا ما نتطلعُ إلى تجسيدِه في أقربِ وقت، بهذا السلامِ بالذات، نشهدُ قيامَ دولةِ فلسطينَ السيدة المستقلة، ونكافحُ التطرفَ والإرهابَ والفقرَ والجوعَ، وأفكارَ الإلغاءِ وأهواءَ الإقصاء، وها أنا أؤكدُ أنّ لبنانَ، كلَ لبنان، لا يمكنُه أن يكونَ خارجَ معادلةٍ كهذه، وأنْ لا مصلحةَ لأيِ لبناني، ولا مصلحة لأي بلدٍ وشعبٍ في منطقتنا، في أن يستثنيَ نفسَه من مسارِ سلامٍ شاملٍ عادل، سلامٌ يبدأُ بتأكيدِ موقفِ لُبْنَانَ الثَّابِتِ وَالمُحِق، والمُتَمَثِّلَ بالتزامنا الكَامِلِ بِالقَرَارِ الدُّوَلِيِّ 1701، للحِفَاظِ عَلَى سِيَادَةِ لُبْنَانَ وَوَحْدَةِ أَرَاضِيهِ،
مع تشديدِنا على أَهمِّيَّةِ دَوْرِ القُوَّاتِ الدُّوَلِيَّةِ (اليُونِيفِيل) وضرورةِ وَقْفِ الأَعْمَالِ العَدَائِيَّةِ الَّتِي تَقُومُ بِهَا إِسْرَائِيل…
وَالعودةِ إلى أحكامِ اتفاقيةِ الهدنة للعام 1949،
بما يَضْمَنُ عَوْدَةَ الِاسْتِقْرَارِ وَالأَمْنِ إِلَى الجَنُوبِ اللُّبْنَانِيِّ وَالمِنْطَقَةِ كَكُلٍّ…
لذلك ندعو المُجْتَمَعَ الدُّوَلِيَّ إِلَى تَحَمُّلِ مَسْؤُولِيَّاتِهِ،
فِي إِلْزَامِ إِسْرَائِيلَ بِتَنْفِيذِ الِاتِّفَاقِ الَّذِي تَمَّ التَّوَصُّلُ إِلَيْهِ بِرِعَايَةٍ أَمِيرِكِيَّةٍ وَفَرَنْسِيَّةٍ فِي 26 تِشْرِينَ الثَّانِي المَاضِي،
وَالِانْسِحَابِ مِنَ كاملِ الأراضي اللبنانية، حتى حدودِنا الدولية المعترفِ بها والمرسّمة دولياً. وَإِعَادَةِ الأَسْرَى اللُّبْنَانِيِّينَ كافة…
كما نؤكدُ أَنَّ لُبْنَانَ يَحْرِصُ عَلَى قيامِ أَفْضَلِ العَلَاقَاتِ مَعَ الجارةِ سُورِيَا، وعَلَى أَهَمِّيَّةِ التَّنْسِيقِ وَالتَّعَاوُنِ بَيْنَ البَلَدَيْنِ لِمُوَاجَهَةِ التَّحَدِّيَاتِ المُشْتَرَكَةِ…
وَخَاصَّةً فِي مَا يَتَعَلَّقُ بِمَلَفِّ النَّازِحِينَ السُّورِيِّينَ،
وَضَرُورَةِ تَأْمِينِ عَوْدَتِهِمُ الآمِنَةِ وَالكَرِيمَةِ إِلَى بِلَادِهِمْ…
بحيث تَعْمَلُ حُكُومَتَا البَلَدَيْنِ في أسرع وقت، مِنْ خِلَالِ لِجَانٍ مُشْتَرَكَةٍ، تَمَّ الِاتِّفَاقُ عَلَى تَشْكِيلِهَا، لتحقيقِ ذلك، بما يضمنُ مصلحةَ البلدين والشعبين…
وإذ يؤكدُ لُبْنَانُ دعَمَه كُلَّ الجُهُودِ الهَادِفَةِ إِلَى حِفْظِ وَحْدَةِ سُورِيَا وَسِيَادَتِهَا، وَتَلْبِيَةِ تَطَلُّعَاتِ شَّعْبِها، يُرَحِّبُ بِقَرَارِ رَفْعِ العُقُوبَاتِ عَنْها، آمِلًا أَنْ يُسَاهِمَ فِي تعافيها واسْتِقْرَارِ المِنْطَقَةِ.
السيد الرئيس … الأخ العزيز،
لقد كان لبنانُ دوماً رائداً من رُوادِ الأفكارِ البنّاءة في هذه المنطقة …
ميزتُه التفاضلية إنسانُه …
وقيمتُه المُضافة: الحرية والتعددية معاً …
اليوم، نحن أمام تحدّي السلامِ لكلِ منطقتِنا …
ونحن جاهزون له …
نقولُ للعالمِ أجمع: وحدَه سلامُ العدالة … هو السلامُ الثابتُ والدائم …
ولنا ملءُ الثقة بأنّ العالمَ الساعي إلى السلامِ الحقيقي، وبفضلِ مساعدتِكم، وبفضلِ إسماعِ مصرَ لصوتِها وصوتِنا …
سيسمعُ … وسيلبّي واجبَ الاستجابة …
السيد الرئيس … الأخ العزيز،
أعمقُ الشكرِ لكم شخصياً … ولكلِ مصرَ الحبيبة … على كلِ ما بذلتموه …
وشكرٌ أكبر… على كلِ ما ستفعلونه، كلَ يومٍ أكثر …
عاشت مصر .. عاش لبنان.