بالتزامن مع تصاعد المواجهة بين إسرائيل وإيران، كشفت بيانات تتبع الرحلات الجوية عن تحرك ما لا يقل عن 30 طائرة عسكرية أمريكية من قواعد داخل الولايات المتحدة إلى أوروبا خلال الأيام القليلة الماضية.
التحركات، التي شملت طائرات صهريجية مخصصة لتزويد المقاتلات والقاذفات بالوقود، جاءت في وقت تواصل فيه إسرائيل تنفيذ ضربات جوية على أهداف إيرانية مرتبطة ببرنامج طهران النووي، وسط تساؤلات متزايدة حول ما إذا كانت واشنطن تتهيأ لتوسيع دورها في هذا التصعيد، أم أنها تمارس ضغوطًا استراتيجية بصيغة غير مباشرة.
30 طائرة أمريكية تتحرك من قواعدها.. ما الرسالة؟
أظهرت بيانات تتبع الرحلات الجوية خلال الأيام الثلاثة الماضية تقريبا، أن 30 طائرة عسكرية أمريكية أقلعت من قواعد داخل الولايات المتحدة متجهة نحو أوروبا، في توقيت بالغ الحساسية يتزامن مع تصاعد الصراع بين إسرائيل وإيران.
وبحسب منصة “فلايت رادار 24” المتخصص في رصد وتتبع الطائرات، فإن جميع هذه الطائرات تنتمي إلى فئة الطائرات الصهريجية من طراز KC-135، وهي مخصصة لتزويد المقاتلات والقاذفات بالوقود جوًا، ما يتيح لها تنفيذ مهام طويلة المدى دون توقف.
توقفت 7 من هذه الطائرات في قواعد جوية أمريكية بكل من إسبانيا، واسكتلندا، وبريطانيا، فيما واصلت تحركاتها في اتجاه شرق البحر المتوسط، حيث شوهدت تحلق فوق شرق صقلية حتى ظُهر الثلاثاء، بحسب ما أوردته شبكة “بي بي سي”.
ما الذي تخفيه واشنطن؟
رغم أن واشنطن لم تعلن رسميًا ارتباط هذه التحركات بالصراع الدائر، إلان أن التوقيت يطرح تساؤلات جدية، خاصة في ظل تبادل الضربات بين إسرائيل وإيران، بعد العملية التي أطلقتها تل أبيب الجمعة الماضية بزعم تدمير البرنامج النووي الإيراني.
وفي ذات السياق، قال جاستن برونك، كبير المحللين في معهد الخدمات الملكية المتحدة للدراسات الدفاعية، إن طبيعة التحركات تشير إلى أن الولايات المتحدة تضع خططًا طارئة لدعم عمليات قتالية واسعة في حال تطورت المواجهة في المنطقة خلال الأسابيع المقبلة.
من جهته، يرى مارك ميليت، القائد السابق لقوات الدفاع الأيرلندية، أن هذه الخطوات قد تكون جزءًا من سياسة الغموض الاستراتيجي الأمريكية، الهادفة إلى دفع إيران نحو تقديم تنازلات في مفاوضات الملف النووي، دون الدخول في مواجهة مباشرة.
وأكد ميليت، أن “التحركات لا تعني بالضرورة عملًا وشيكًا، لكنها تضع كل الخيارات على الطاولة”، وهي رسالة قد تكون مفهومة جيدًا في طهران.
حاملة «نيميتز» الأمريكية تغير اتجاهها
بالتوازي مع تحركات الطائرات، تشير تقارير إلى أن الولايات المتحدة نقلت حاملة الطائرات “نيميتز” من بحر الصين الجنوبي باتجاه الشرق الأوسط.
وأظهرت بيانات موقع “مارين ترافيك” المتخصص في التحليلات البحرية، أن آخر موقع لـ”نيميتز” كان في مضيق ملقا، متجهة نحو سنغافورة، صباح الثلاثاء.
وتُعد “نيميتز” واحدة من أبرز القطع الحربية الأمريكية، وترافقها مدمرات مزوّدة بصواريخ موجهة، كما تحمل على متنها عددًا من المقاتلات متعددة المهام، ما يجعلها قوة هجومية مكتملة على سطح الماء.
مقاتلات الجيل الخامس تنتشر في قواعد الشرق الأوسط
إلى جانب التحركات البحرية والجوية، نقلت وزارة الدفاع الأمريكية مقاتلات من طراز إف-16، وإف-22، وإف-35 إلى قواعد في الشرق الأوسط خلال الأيام الماضية، وفقًا لما نقله ثلاثة مسؤولين بوزارة الدفاع لشبكة “رويترز”.
ويُعتقد أ الطائرات الصهريجية التي أُرسلت إلى أوروبا ستُستخدم في تزويد هذه المقاتلات بالوقود أثناء مهامها بعيدة المدى، ما يعزز قدرة واشنطن على الرد السريع في حال احتدام الصراع.
نطنز وفوردو.. منشآت تحت الأرض تتطلب قنابل خارقة
في ظل تركيز إسرائيل على البرنامج النووي الإيراني، تتجه الأنظار إلى منشأتين رئيسيتين:
نطنز، وهي قد تعرضت بالفعل لهجوم إسرائيلي.
وفوردو، التي تقع داخل جبل قرب مدينة قم، ولم تُستهدف بعد.
وبحسب خبراء، فإن تدمير منشأة مثل “فوردو” يتطلب قنابل خارقة للتحصينات من طراز GBU-57 A/B المعروفة باسم MOP، وهي قنابل تقليدية تزن 13,600 كغم، قادرة على اختراق ما يصل إلى 60 مترًا من الخرسانة.
لكن هذه الذخائر لا يمكن حملها إلا بواسطة قاذفات “بي-2” الشبحية، ما يرفع من احتمالات دخول هذه الطائرات إلى الصورة.
«بي-2» الشبحية.. السلاح القادر على قلب المعادلة
وفقًا لمصادر دفاعية غربية، تم تمركز سرب من قاذفات “بي-2” مؤخرًا في قاعدة دييجو جارسيا الأمريكية، وهي جزيرة تقع في المحيط الهندي تُستخدم كمنصة انطلاق للعمليات البعيدة.
وأكد المارشال الجوي جريج باجويل، نائب رئيس العمليات السابق في سلاح الجو الملكي البريطاني، أن قاعدة دييجو جارسيا توفر قدرة تشغيل مستمرة لعمليات تستهدف إيران، نظرًا لموقعها الاستراتيجي وفعاليتها التشغيلية العالية.
لكن في الوقت نفسه، أشار نائب الأميرال مارك ميليت، إلى أن غياب القاذفات حتى الآن يمثل “قطعة مفقودة من أحجية الصورة الكاملة”، رغم أن القاذفات الشبحية قادرة على تنفيذ ضربات مباشرة من داخل الأراضي الأمريكية نفسها.