ترامب زعم ــــ وبصوت عالٍ ــــ أن هذه الرسوم تجلب قرابة 2 مليار دولار يوميًا لخزانة الولايات المتحدة، لكن الحقيقة، كما تكشفها بيانات الجمارك وحماية الحدود الأمريكية، مختلفة تمامًا,,, فالمكتب لم يجمع سوى 21 مليار دولار من 15 إجراء تجاري منذ يناير، منها 500 مليون دولار فقط منذ بداية أبريل، بحسب صحيفة «ذي إندبندنت» البريطانية.
هذا الفارق الهائل بين التصريحات والواقع كشف ليس فقط عن خلل في الأرقام، بل عن اختلال أعمق في فهم تداعيات هذه السياسات، فالصين، التي لطالما كانت في مرمى نيران ترامب التجارية، لم تقف مُتفرجة…
بل ردت بتحريك أوراقها الثقيلة، حيث فرضت قيودًا جمركية مضادة على سلع أمريكية حيوية.
-وكثّفت من شراكاتها التجارية مع روسيا ودول جنوب شرق آسيا.
-كما سرّعت خطواتها لتقليل الاعتماد على الدولار عبر اتفاقيات تسوية باليوان.
وبينما تستنزف هذه الحرب قدرات الطرفين، فإن النظام التجاري العالمي يتحرك في اتجاه لا يتّسق مع وعود الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب ولا مع حساباته.
فالرسوم الجمركية الأمريكية، التي ظن ترامب أنها ستثري الخزانة، باتت تثقل كاهل المستهلك الأمريكي وترفع التضخم، فيما تنسج بكين خيوط شبكة اقتصادية بديلة، تسعى عبرها لامتصاص الصدمة وتحويل الأزمة إلى فرصة، «إنها ليست حرب أرقام»… بل معركة هيمنة اقتصادية مكتملة الأركان، بحسب صحيفة «ذي إندبندنت» البريطانية.
ترامب يشعل حرب الرسوم الجمركية ثم يتراجع مؤقتًا
في الثاني من أبريل، أعلن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب فرض رسوم جمركية شاملة لا تقل عن 10% على معظم دول العالم، قبل أن يتراجع عنها مؤقتًا الأسبوع الماضي لمدة 90 يومًا.
وجاء قراره بالتوقف بعد أن لاحظ، بحسب تعبيره، أن “الأمريكيين أصبحوا متذمرين وخائفين” من تداعيات هذه القرارات الاقتصادية الصادمة.
مُواجهة متصاعدة مع بكين
المثير أن دونالد ترامب استثنى الصين من هذا التوقف المؤقت، حيث دخلت واشنطن وبكين في حرب تجارية مفتوحة، وفرضت الولايات المتحدة رسومًا بنسبة 145% على السلع الصينية، وردّت بكين برسوم انتقامية بنسبة 125%.
وفي تصعيد جديد، أعلن البيت الأبيض يوم الثلاثاء أن التعريفات المفروضة على الصين ارتفعت إلى 245%… في المقابل، ذكرت تقارير أن الحكومة الصينية طلبت من شركات الطيران وقف شراء أجزاء من طائرات بوينج والطائرات الأمريكية الأخرى.
الاحتياطي الفيدرالي يحذر: «التضخم قادم»
أعرب رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي لـ الولايات المتحدة، جيروم باول عن قلقه الواضح يوم الأربعاء من هذه السياسات الجمركية، وقال باول:
«مستوى زيادات الرسوم الجمركية الأمريكية المُعلن عنها حتى الآن أكبر بكثير من المتوقع,, ومن المُرجح أن تتسبب في ارتفاع معدلات التضخم وتباطؤ النمو الاقتصادي».
المستهلكون الأمريكيون يدفعون الثمن
مع احتدام الحرب التجارية، بدأ المستهلكون الأمريكيون يشعرون بتبعاتها، بعض أصحاب الأعمال أضافوا “رسوم ترامب الإضافية” مباشرة إلى فواتير العملاء، تحسبًا لارتفاع تكاليف السلع المستوردة واستعدادًا لانتهاء فترة التوقف المؤقت.
شعبية ترامب «تتراجع»
تزامنًا مع تصاعد التوتر التجاري، انخفضت نسبة تأييد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب إلى 45% فقط ــــ أدنى مستوى له في ولايته الثانية حتى الآن، وفقًا لاستطلاع أجرته مؤسسة «مورنينج كونسلت» المُعتمدة لتحليل استطلاعات الرأي.
وكشف الاستطلاع أيضًا عن مفاجأة سياسية، حيث إنه وللمرة الأولى منذ عام 2021، أظهر الأمريكيون ثقة أكبر في قدرة المشرعين الديمقراطيين على إدارة الاقتصاد مقارنة بالجمهوريين.