جريدة مصر اليوم

كيف يمكن مقاضاة إسرائيل دوليًا بعد تحقيق صحيفة «هآرتس»؟.. خبير يوضح


تفجرت فضيحة جديدة تطال جيش الاحتلال الإسرائيلي بعد أن اعترف جنوده بأنهم أطلقوا النار صوب المدنيين العزل، اللاهثين وراء مراكز المساعدات في قطاع غزة، عن عمدٍ بأوامر من قيادات جيش الاحتلال، ما يفتح الباب لمقاضاة إسرائيل دوليًا على جريمتها، خصوصًا أن من كشف خيوط هذه الفضيحة هو الإعلام العبري ذاته.

ووفقًا لتحقيق أجرته صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، فقد خلص أن قوات الاحتلال تقتل المدنيين الفلسطينيين المتدفقين على مراكز المساعدات الإنسانية عمدًا دون أي مبرر.

واستندت الصحيفة العبرية في تحقيقها إلى شهادات جنود وضباط إسرائيليين رووا أنهم تلقوا، في الشهر الماضي، تعليمات من قياداتهم بفتح النار على المواطنين الفلسطينيين غير المسلحين، بحجة إبعادهم عن مراكز توزيع المساعدات الإنسانية، رغم أنهم لم يشكلوا أي تهديد عليهم.

وكشفت صحيفة “هآرتس” عن أن النيابة العامة الإسرائيلية طلبت فحص الموضوع للتثبت مما إذا كان الحديث يدور عن جرائم حرب.

ومن جهته، قال المكتب الإعلامي الحكومي في غزة إن اعترافات الاحتلال لـ”هآرتس” بإطلاق النار المتعمد على المجوعين تكشف جريمة إعدام جماعي.

آليات مقاضاة إسرائيل

وفي غضون ذلك، كشف الدكتور محمد محمود مهران، أستاذ القانون الدولي العام وعضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولي، عن الآليات القانونية المتاحة لمقاضاة إسرائيل دوليًا في أعقاب الكشوفات المدمرة لتقرير صحيفة هآرتس حول قتل طالبي المساعدات في غزة، مؤكدًا أن اعترافات الجنود الإسرائيليين توفر أدلة قانونية كافية لتفعيل آليات العدالة الدولية.

وقال مهران، في تصريحات خاصة لـ”بوابة أخبار اليوم”، إن المحكمة الجنائية الدولية تمتلك الولاية القضائية المباشرة للتحقيق في هذه الجرائم، مشيرًا إلى أن فلسطين عضو في المحكمة منذ عام 2015، مما يمنح المدعي العامة السلطة القانونية الكاملة لفتح تحقيقات فورية في الجرائم المرتكبة على الأراضي الفلسطينية.

وأكد أستاذ القانون الدولي أن اعترافات الجنود الإسرائيليين في تقرير هآرتس تشكل أدلة مباشرة على ارتكاب جرائم حرب وفقاً للمادة 8 من نظام روما الأساسي، خاصة فيما يتعلق بالقتل العمد للمدنيين وتجويعهم كأسلوب من أساليب الحرب، مما يسهل عمل المحكمة في إثبات الجرائم وإصدار مذكرات الاعتقال.

وفيما يتعلق بمبدأ الولاية القضائية العالمية، أوضح مهران أن هذا المبدأ يمنح جميع الدول الحق في محاكمة مرتكبي الجرائم الدولية بغض النظر عن مكان ارتكابها أو جنسية المتهمين، مشيرًا إلى أن العديد من الدول الأوروبية مثل ألمانيا وبلجيكا وإسبانيا لديها قوانين تطبق هذا المبدأ.

وشدد الخبير الدولي على أن تفعيل الولاية القضائية العالمية يتطلب تحركًا من الضحايا أو منظمات حقوق الإنسان لتقديم شكاوى جنائية أمام المحاكم الوطنية في هذه الدول، مؤكدًا أن اعترافات هآرتس توفر ستمثل أساسًا قانونيًا قويًا لقبول هذه الشكاوى.

وحول الخطوات العملية المطلوبة، دعا مهران منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية والدولية إلى تجميع الأدلة والشهادات المنشورة في تقرير هآرتس وتقديمها رسميًا للمحكمة الجنائية الدولية، مؤكدًا أن هذه الخطوة ستضغط على المدعية العامة لتسريع إجراءاتها.

كما أشار أستاذ القانون إلى أن محكمة العدل الدولية يمكنها أيضًا لعب دور مُكمّل من خلال إصدار تدابير مؤقتة لوقف الانتهاكات، خاصة في ضوء القضية المرفوعة من جنوب أفريقيا ضد إسرائيل بتهمة الإبادة الجماعية.

وحذر مهران من أن التأخير في تفعيل هذه الآليات سيرسل رسالة خطيرة مفادها أن الإفلات من العقاب ممكن حتى مع وجود اعترافات مباشرة من الجناة أنفسهم، مما يشجع على ارتكاب المزيد من الجرائم.

وشدد مهران على أن تقرير هآرتس يمثل فرصة ذهبية لكسر دائرة الإفلات من العقاب، مؤكًا أن الأدلة المتوفرة الآن كافية لبدء ملاحقات قانونية جدية إذا توفرت الإرادة السياسية والتحرك المنظم من المجتمع الدولي.

Exit mobile version