بعد سنوات من التراجع والاضطرابات، عادت مصر لتتصدر مشهد السياحة في المنطقة، مسجلة أرقامًا قياسية في أعداد الزوار والعائدات، ويجمع الخبراء والمراقبون على أن الاستقرار السياسي بعد 30 يونيو 2013 لعب الدور الأبرز في تعافي القطاع، الذي يُعد أحد أعمدة الاقتصاد الوطني.
من الانكماش إلى النمو.. الأرقام تتحدث
وشهدت مصر تراجعًا حادًا في السياحة خلال الفترة من 2011 إلى 2016، حيث انخفضت أعداد السياح من 14.7 مليون في عام 2010 إلى نحو 5.3 مليون فقط عام 2016، على خلفية الاضطرابات الأمنية والسياسية.
لكن بعد 30 يونيو، ومع عودة مؤسسات الدولة إلى العمل بكفاءة، بدأت الثقة تعود تدريجيًا، لتشهد السنوات الأخيرة طفرة كبيرة، حيث سجل عام 2024 أكثر من 15.8 مليون سائح، وهو الرقم الأعلى في تاريخ السياحة المصرية.
الأمن والاستقرار.. أساس العودة
يؤكد شريف فتحي وزير السياحة والآثار، أن ما تحققه السياحة من أرقام قياسية يرجع بشكل أساسي إلى ما تقدمه القيادة السياسية من أمن وآمان وسلامة لتحقيق الاستقرار في مصر، بجانب ما توليه من دعم كبير لقطاعي السياحة والآثار.
وأشار وزير السياحة والآثار في تصريحات سابقة، إلى جهود التعاون القائم بين الوزارة والعديد من الوزارات من أجل تعظيم السياحة وما تحقق من إنجازات بسبب جهود الوزراء السابقين والعاملين بالوزارة والقطاع السياحي الخاص في مصر ومؤسسات المجتمع المدني ممثلة في الاتحاد المصري للغرف السياحية والغرف السياحية المختلفة، حيث استقبلت مصر 15.7 مليون سائح من مختلف الأسواق السياحية رغم الأوضاع الجيوسياسية التي تشهدها المنطقة مما يؤكد على مكانة مصر السياحية.
وشدد وزير السياحة والآثار، على أن الاستقرار السياسي في البلاد، وثقة السائح المتراكمة عبر عقود طويلة، ركيزتان أساسيتان في استمرار نمو القطاع السياحي، رغم التحديات الجيوسياسية التي تشهدها المنطقة.
من جهته أكد حسام الشاعر، رئيس اتحاد الغرف السياحية، أن قطاع السياحة يواصل تحقيق أرقام قياسية بفضل دعم الدولة المصرية، وعلى رأسها فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، مشددًا على أن الأمن والأمان كانا العامل الحاسم وراء انتعاش حركة السياحة خلال العامين الماضيين.
ووجه الشاعر، الشكر للسيد الرئيس والحكومة المصرية، مشيدًا بالدور الكبير الذي تقوم به الدولة في دعم القطاع السياحي باعتباره أحد أعمدة الاقتصاد الوطني.
وقال حسام الشاعر، رئيس مجلس إدارة الاتحاد، إن الإنجازات التي تحققت على مستوى البنية التحتية والتنمية الشاملة في مصر كان لها تأثير مباشر على الصورة الذهنية الإيجابية لمصر عالميًا، وساهمت في تحقيق معدلات نمو سياحي متميزة.
وأشار إلى أن الدولة تولي اهتمامًا خاصًا بتطوير القطاع، وظهر ذلك جليًا في التعاون المستمر بين رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، ووزير السياحة والآثار، وممثلي القطاع السياحي لحل العقبات التي تواجه المستثمرين والعاملين في المجال.
وشدد الشاعر، على أن عودة الانضباط للدولة بعد 30 يونيو خلق بيئة مواتية للسياحة، ومكّن الحكومة من تطوير البنية التحتية، وتكثيف حملات الترويج الخارجية بشكل فعال.
إشادات دولية.. ومؤشرات تعافي واضحة
شركات السياحة العالمية كانت أول من رصد مؤشرات التحول، ففي تصريحات لـ«توماس كوك» الألمانية، قالت الشركة، إن استقرار الوضع في مصر شجّعنا على استئناف برامجنا للسفر إلى البحر الأحمر والأقصر وأسوان، مؤكدة على أن السوق المصري عاد بقوة.
كما أكدت شركة TUI البريطانية أن نسب الحجوزات في فنادق شرم الشيخ والغردقة تشهد ارتفاعًا غير مسبوق، وأن مصر أصبحت مجددًا من بين الوجهات العشر الأكثر طلبًا لدى السياح الأوروبيين.
دعم حكومي واستثمارات جديدة
من جانبه، أكد محمد أيوب، رئيس مجلس إدارة غرفة المنشآت الفندقية، أن الفترة الأخيرة شهدت إقبالًا متزايدًا على الاستثمار في الفنادق والمنتجعات، خاصة مع التوسع العمراني في مناطق مثل الساحل الشمالي والعلمين الجديدة.
وأشار أيوب، إلى أن السياحة العربية القادمة لمصر حققت نموًا كبيرًا بدعم من الاستقرار السياسي وتعزيز العلاقات مع دول الخليج، وهو ما ظهر في ارتفاع نسب الإشغال خلال مواسم الإجازات.
عائدات قياسية وتوقعات متفائلة
وفقًا لبيانات وزارة السياحة والآثار، حققت مصر نتائج قياسية خلال عام 2024 باستقبال 15.8 مليون سائح، بزيادة قدرها 6% مقارنة بعام 2023، متجاوزة بذلك مستويات ما قبل جائحة كورونا بنسبة نمو تجاوزت 21%، ما يعكس الجهود المستمرة لتعزيز القدرة التنافسية للمقصد السياحي المصري على الساحة العالمية.
وفي الربع الأول من عام 2025، واصل القطاع هذا الزخم محققا مؤشرات إيجابية جديدة، حيث ارتفعت أعداد السائحين بنسبة 25% مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، مما يؤكد الثقة المتنامية من الأسواق الدولية في المقصد السياحي المصري، رغم ما تشهده المنطقة من تحديات جيوسياسية.
وتؤكد تجربة ما بعد 30 يونيو، أن الاستقرار السياسي ليس مجرد مطلب داخلي، بل عامل جذب استثماري وسياحي من الدرجة الأولى.
ومع استمرار الخطط الحكومية الطموحة، تبدو مصر على الطريق الصحيح لاستعادة مكانتها كواحدة من أهم الوجهات السياحية في العالم.