بقلم يحي خليفه
برغم أن الرئيس السيسي قال إنه لا يوجد سجناء سياسيون في مصر، وإن الاستقرار والأمن لهما أهمية قصوى، فإن أمريكا لا تعنيها الحقيقة، لأنها تعلمها جيدًا، ولكن الحقيقة تقف حاجزًا أمام مطامعها ونفوذها، خاصة بعد فشل ما يسمى بثورات الربيع العربي، التي هدمت كل مخططاتها تجاه مصر وفشل زرع الإخوان الإرهابيين فى الحكم والسيطرة على مصر من خلالهم، وتكملة مخططاتهم التي أخمدتها ثورة 30 يونيو، فستظل اتهامات أمريكا تجاه مصر باسم حقوق الإنسان مستمرة لتتمكن من التدخل في شئون مصر الداخلية، ولكن أود أن أوجه سؤالا لأمريكا: هل تراعى أمريكا حقوق الإنسان؟ فالهجوم الذى حدث على الكونجرس الأمريكي إجاب عن سؤالي، وما نشاهده من معاملة الشرطة الأمريكية تجاه المواطنين الأمريكيين، والتفرقة بين أصحاب البشرة البيضاء والسمراء، كل ذلك يضرب بمواثيق حقوق الإنسان عرض الحائط!
فهل اليوم تعتمد الدول على وسائل أخرى متخفية؛ أى ظاهرها شيء إيجابى نافع، وباطنها تنفيذ أغراض سياسية خبيثة، كحقوق الإنسان وأيضًا إعلام الدول المنتفعة؟ هل تتوقف الدول عن استغلال حقوق الإنسان بشتى أنواعها للنيل من الدول الأخرى؟ هل حقوق الإنسان كما تُستخدم لأغراض سياسية، هل أيضًا تستخدمها الدول للتفلت من العقاب والجزاء؟ كالادعاء المزيف على بعض الدول بدافع حرية الرأى والتعبير؟
ففى الوقت الذى توجه فيه الولايات المتحدة الاتهمات لمصر! تتجاهل فيه الانتهاكات التى لا حصر لها فى كل من العراق وأفغانستان وسجن أبوغريب ومعتقل جوانتانامو وغيره! فمن يتمعن يجد أن الدول التى تزعم أنها تحترم حقوق الإنسان هى فى الأصل دول استعمارية! وفى الوقت الذى تنتهك فيه أمريكا حرية الرأى والتعبير وتُدين مصر بعدم احترامها حقوق الإنسان! شهد مظاهرات ومواجهات بين الشرطة والمحتجين، تم اعتقال أكثر من 100 شخص، ويشعر المجتمع الصحفي الأمريكي بالقلق إزاء استمرار تشديد التشريعات المفروضة على وسائل الإعلام، ويتكرّر فقدان الصحفيين فى الولايات المتحدة لوظائفهم نتيجة مبرّرات مثل: إبداء آراء غير صحيحة من وجهة النظر السياسية، وهو ما تستنكره أمريكا إن حدث فى مصر ذلك!
فحقوق الإنسان لدى الدول العظمى تُصنفها كما يتراءى لها، فهناك عدد من القضايا المرفوعة ضد تركيا فى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، حيث يدّعى المتقدمون بالقضايا انتهاك الدولة لحرية التعبير المكفولة بالمادة 10 من الاتفاقية الأوروبية، سينر ضد تركيا، كانت المدعية قد نشرت مقالًا اعتبرته السلطات التركية يحتوى على دعاية انفصالية لجزء من الأراضى التركية ليكون كردستان، وحكم عليها بالسجن لمدة ستة أشهر، وغرامة خمسين مليون ليرة، كما صودرت المطبوعة.
وتشبه القضايا الألمانية أيضا تلك القضايا الموجودة فى تركيا، فألمانيا غالبًا ما تعتبر قضايا مثل إنكار المحرقة والحرب العالمية الثانية، من القضايا الحساسة التى لا تقع تحت حماية الحق فى حرية الرأى والتعبير، فى القضية من المحكمة الدستورية الألمانية، رفضت المحكمة شكوى من جمعية تدعى انتهاك المادة 5 من الدستور الألمانى لحرية التعبير، ودعت هذه الجمعية مؤرخ يمينى ألمانى لإلقاء خطاب منعته السلطة لاعتقادها فى أن المحاضر كان سيتحدث عن إنكار المحرقة التى تعتبر جريمة بموجب القانون الجنائى الألمانى، وقالت المحكمة فى هذه القضية إن إنكار حقيقة معروفة أو مثبتة لا يندرج تحت حماية حرية الرأي، كما اعتبرت المحكمة أن البيان المحظور الذى ادعى بأنه لم يحدث أى اضطهاد لليهود فى الرايخ الثالث بمثابة إهانة لليهود، ومن وجهة نظر المحكمة فإن حرية الرأى والتعبير ليست لها الأولوية على حماية الشخصيات، كما أن حماية الشخصيات لها الغلبة على حرية الرأى والتعبير.
فلدى تساؤل هل الجهات المعنية، سواء أكانت محلية أم دولية، برصد حقوق الإنسان المتمثل فى تحليل المعلومات الذى يعد الشرط الأساسى لرصد حقوق الإنسان، رصدت ما تم بمصر من إنجازات غير مسبوقة وتفعيل حقوق الإنسان على أرض الواقع؟ هل تم ربط التحليل كل من البيانات الكمية والنوعية للمؤشرات الموضوعة بالمقاييس والأهداف المحددة بغية استنتاج مدى امتثال الدولة لالتزاماتها فيما يتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، فيجب أن يتطرق الرصد فى النهاية إلى الأسئلة التالية: هل وفت الدولة بالتزاماتها المتعلقة باحترام الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وحمايتها وأدائها؟ ويجب أن يوضح التحليل بالتفصيل كيفية وفاء الدولة أو عدم وفائها بالتزاماتها، فهل نجد إنصافًا من المنظمات الدولية فيما يحدث من تقدم فى وطننا الغالى مصر؟! أم ستظل قضية حقوق الإنسان سلاحاً سياسياً تستخدمه الدول ضد بعض الدول بغية التدخل فى شئونها الداخلية وتحقيق أهدافها السياسية