بينما تستمر النزاع بين إسرائيل وإيران، تتزايد التساؤلات، حول «هل ينتهي التصعيد بخضوع إيراني تحفظ به ماء وجهها؟ أم تُجبر تل أبيب على التراجع تحت ضغط عالمي؟ أم ينفجر الشرق الأوسط كله في صراع إقليمي أوسع؟»، وسط ثلاثة سيناريوهات تلوح في الأفق ، وكلها تنذر بتحول استراتيجي كبير يحمل في طياته مفاجآت إقليمية.
بين الانفجار والانفراج.. هناك ثلاث نهايات مُحتملة لصدام إسرائيل وإيران، فبعدما أعل رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، استمرار العمليات العسكرية “لأي عدد من الأيام يتطلبه الأمر”، بهدف إنهاك قدرات إيران النووية، وتفكيك بنيتها العسكرية، أطلقت إيران في المُقابل دُفعات من الطائرات المُسيّرة والصواريخ الباليستية تجاه إسرائيل، ولا تزال تملك أدوات انتقام محدودة لكنها قابلة للتفعيل.
ورغم استمرار التصعيد، يرى الخبراء وفقًا لمجلة «فورين بوليسي» الأمريكية، أنه من غير المُبكر الحديث عن “كيف ستنتهي الحرب؟”، خاصة وأن نهايتها قد تُعيد رسم موازين القوى في الشرق الأوسط لعقود.
السيناريو الأول: استعراض إيراني ثم تراجع «محسوب»
بحسب المجلة الأمريكية «فورين بوليسي»، قد تتجه إيران لتنفيذ عدد من الضربات البارزة داخل إسرائيل، لتسوّق داخليًا أنها ردّت و”أدمَت” الخصم.
بعدها، وبضغط من وساطات أمريكية ودولية، تقبل طهران بوقف إطلاق النار، حتى لو بدا ذلك كاستسلام غير مُعلن، لكنه يحفظ ماء الوجه.
ويُشبه هذا السيناريو ما حدث مع «حزب الله» بعد الضربات الإسرائيلية في سبتمبر وأكتوبر، حين خضع للتهدئة دون رد فعّال ـــ بحسب المجلة ـــ رغم امتلاكه ترسانة صواريخ ضخمة.
وتشير المجلة ذاتها، إلى أن الحملة الإسرائيلية الحالية داخل إيران تتبع أسلوبًا مُشابهًا، بين «اغتيالات دقيقة، وضربات مدمرة، واختراق استخباراتي واسع أربك القيادة الإيرانية، وجعل التنسيق بين الوحدات الصاروخية صعبًا، إن لم يكن مشلولًا».
وفي ظل تفكك “محور الردع” الإيراني، وتراجع فاعلية الحلفاء الإقليميين مثل حزب الله، قد تجد طهران نفسها مُضطرة للتهدئة، حتى لو كانت غير راغبة في ذلك.
السيناريو الثاني: إيران تصمد.. وإسرائيل تُجبر على التراجع
يأتي السيناريو الثاني، حيث تُقاوم إيران لفترة أطول، وتنجح في توجيه بعض الضربات المحدودة، سواء عبر هجمات إلكترونية، أو عمليات خارجية، أو صواريخ تخترق القبة الحديدية لإسرائيل، ومع تصاعد الضغوط الدولية، تبدأ الولايات المتحدة وأوروبا بالضغط على تل أبيب لوقف العمليات، بحسب مجلة «فورين بوليسي».
وبالفعل بعد الضربة الإسرائيلية لإيران ورد طهران، قد دعتا كلا من فرنسا وبريطانيا لوقف التصعيد بين إسرائيل وإيران، ومع أن تل أبيب قلقة أساسًا من موقف الأوروبيين، إلا أن المُتغير الأهم يبقى الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الذي يُشكّل رافعة أو كابحًا للعمليات العسكرية.
وإذا ما قرر ترامب ـــ الذي دعا عبر منصته للتواصل الاجتماعي “تروث سوشيال” إيران إلى التفاوض – مُمارسة ضغوط حقيقية على نتنياهو، فقد تضطر إسرائيل لإنهاء حملتها العسكرية ضد إيران، مع الاكتفاء بحجم الأضرار التي ألحقتها حتى الآن.
لكن يبقى الغموض سيد الموقف حول ما إذا كانت هذه الضغوط ستفتح بابًا حقيقيًا أمام تفاوض دبلوماسي منتج، خاصة وأن إدارة ترامب تسعى لإعادة التفاوض على البرنامج النووي الإيراني، باتفاق يُشبه “الاتفاق النووي الأصلي” الذي انسحب منه ترامب عام 2018 (خلال ولايته الأولى).
السيناريو الثالث: الحرب تتوسع وتبتلع المنطقة
أما السيناريو الثالث والأخير وهو الأسوأ ضمن كل الاحتمالات، هو أن يستمر التصعيد بين إسرائيل وإيران ويخرج عن السيطرة، فيتوسع النزاع ليشمل جبهات أخرى مثل لبنان، وسوريا، وربما العراق واليمن ــ بحسب مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية ـــ وفي هذا السيناريو، تدخل ميليشيات موالية لإيران على الخط، وتتحول الضربات المحدودة إلى حرب إقليمية واسعة.
وهذا السيناريو الثالث مُرجّح حال استمرت إسرائيل في ضرب القيادات الإيرانية، وتكرر الرد الإيراني بالصواريخ، ما يؤدي إلى تصعيد متبادل يصعب احتواؤه دبلوماسيًا، وهنا تصبح كل الجبهات مُشتعلة، وتدفع “بعض” شعوب المنطقة – وليس فقط الحكومات – ثمن التصعيد بين إسرائيل وإيران.