قوبلت مطالب الرئيس دونالد ترامب الأسبوع الماضي للأمريكيين بالتضحية والعمل على شراء القليل من ألعاب الأطفال في عيد الميلاد المقبل، بانتقادات اللاذعة، وسلسلة من التعليقات الساخرة، فضلاً عن مقارنات شبهته بشخصيات تاريخية بارزة ومثيرة للجدل.
ونقلت صحيفة “فاينانشيال تايمز” عن رئيس مركز “نورث ستار” للاستطلاعات والبحوث، ويت أيريس، ذلك المستشار الجمهوري البارز والمخضرم بخبراته التي دامت أكثر من 40 عاماً في مجال استطلاعات الرأي والبحوث، وصفه لدعوة ترامب بأنها “تبدو كما لو كانت ماري أنطوانيت تقول ’دعهم يتناولون الكعك’” حين علمت أن رعاياها الفقراء لا يجدون خبزاً يأكلونه.
ولفتت إلى أن اقتصاديين ورجال أعمال حذروا مرراً على مدار أسابيع من أن الرسوم الجمركية بنسبة 145 التي فرضها الرئيس الأمريكي على الصين سترفع الأسعار على المواطنين العاديين. غير أن البيت الأبيض كان يصر على مقاومة تلك السردية.
وحسب “فاينانشيال تايمز”، فإن القناع قد سقط يوم الأربعاء، حين قال الرئيس الأمريكي إن الصين جنت “تريليون دولار… من بيعها مواداً، و كثير منها لا نحتاجه”.
وقال إن الناس يحذرون من الأرفف الخاوية و”ربما سيكون على الأطفال أن يحصلوا على لعبتين بدلاً من 30 لعبة… ومحتمل أن تكلف اللعبتان ضعف ما اعتادوا أن يشتروه في الأوقات العادية”، ولكنه أضاف “علينا أن نتوصل إلى اتفاق عادل.”
وهنا يعترف الرئيس بأن حربه التجارية تتسبب في صعوبة معيشية حقيقية لمؤيديه- وكثيرون منهم قد انتخبوه لكي يخفض مستويات الأسعار وليعزز النمو.
لم يكد أعداء ترامب تصديق مدى حظوظهم التي انهالت عليهم من السماء. وقد سخروا منه على مواقع التواصل الاجتماعي ووصفوه بأنه “جرينش سارق عيد الميلاد” في العصر الحديث، نسبة إلى شخصية خيالية شريرة تكره العطلات والأفراح، رسمها دكتور سوس في كتاب صدر في عام 1957 ويحمل نفس الاسم. كما أطلقوا عليه لقب “سكروج ماكترامب”، نسبة إلى شخصية كرتونية فظة بخيلة وغير ودودة لا ترغب في إنفاق الأموال.
وتقول “فاينانشيال تايمز” إن نصيحة ترامب تحمل في طياتها مخاطر سياسية تشبه تلك التي واجهها على نطاق واسع الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر، فيما أطلق عليه “خطاب الضيق”، الذي أدلى به في يوليو عام 1979، إبان ذروة أزمة النفط في الشرق الأوسط، عندما دعا المواطنين الأمريكيين إلى “ضبط مؤشرات الحرارة (في أجهزة التبريد) للحفاظ على الطاقة”. وقد انزلق في مسيرته لخسارة الرئاسة لمصلحة رونالد ريجان، الذي فاز بأغلبية ساحقة في العام التالي.
تأتي تعليقات ترامب كجزء من فيض من البيانات الصادرة من البيت الأبيض والتي تدعو إلى تقليل التجارة مع الصين. وقال وزير الخزانة، سكوت بيسنت، في مارس إن “الحلم الأمريكي لا يتماشى مع الحلي الرخيصة التي نجلبها من الصين. فنحن نركز حالياً على قدرة تحمل التكاليف، لكن الأمر يتعلق بالرهن العقاري والسيارات، والمكاسب الحقيقية للأجور.”
وقد أفزعت تلك التعليقات مُصنّعي لعب الأطفال في الولايات المتحدة، ويعلق الرئيس التنفيذي لشركة “ليرنينج ريسورسيز”، ريك وولدينبرج، “لقد تعرضت للهجوم من جانب حكومتي”. يقع مقر الشركة في ولاية إيلينوي، وهي متخصصة في الألعاب والمنتجات التعليمية، وتقوم بتصنيع منتجاتها في الصين منذ أربعة عقود.
عانت أسماء كبرى في عالم صناعة ألعاب الأطفال من انخفاضات حادة في أسعار أسهمها. فقد تراجع سعر سهم شركة “ماتيل”، المُصنعة للدمية الشهيرة “باربي”، بنسبة 18 في المائة منذ “يوم الاستقلال” في أبريل حينما كشف الرئيس ترامب عما أطلق عليه الرسوم الجمركية التبادلية.
ووصف المدير التنفيذي لشركة “إم جي إيه إنترتينمنت”، أكبر شركة في الولايات المتحدة لتصنيع ألعاب الأطفال، إسحق لاريان، الرسوم بأنها ستكون “كارثية”، متوقعاً “ما بين 30-40 في المائة انخفاضاً في المبيعات”.
بيد أنه، لا توجد أي دلالات على خفوت حدة الحرب التجارية، ما يثير القلق حيال مصير الاقتصاد. وتوقع “مختبر الموازنة”، التابع لجامعة “يل”، أن تتسبب الرسوم الجمركية التي أعلنها ترامب عالمياً منذ توليه منصبه في البيت الأبيض، في تخفيض نمو الاقتصاد الأمريكي بنسبة 1.1 في المائة في عام 2025.
تظهر بعض المؤشرات أن تلك الرسوم تؤثر على قدرة الناس على الإنفاق. ومن جانبه، أظهر “مؤشر ثقة المستهلك”، الذي تعده جامعة ميتشجان أنه بلغ في أبريل 52.2 نقطة بانخفاض عن مارس حين سجل 57 نقطة، بينما قفزت توقعات التضخم لعام مقبل من 5 في المائة في مارس إلى 6.5 في المائة في أبريل، وهي أعلى قراءة لها منذ عام 1981.