تنميط الجاني هو أداة تحقيق سلوكية تساعد المحققين للتنبؤ وتحديد أنماط دقيقة لمواصفات الجرائم والجناة المجهولين. يسمى تنميط الجاني
كذلك بالتنميط الجنائي وتنميط الشخصية الجنائية وتنميط علم الجريمة وتنميط السلوك أو تحليل التحقيق الجنائي ومن إحدى طرق تنميط الجاني هي التنميط الجغرافي.
ساهمت كثير من المسلسلات التلفزيونية في إضفاء مسميات عدة لما يسميه مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف-بي-آي) «تحليل التحقيق الجنائي»
ومن تلك المسلسلات التي عرضت في 1900 كالقانون والنظام والمُنمّط وفي 2005 العقول الجنائية
وكذلك أيضا فيلم عام 1991 صمت الحملان. هولمز وهولمز 2008 قاما بتلخيص ثلاث أهداف رئيسية لتنميط الجاني:
الهدف الأول هو فرض تنفيذ القانون بالتقييم الاجتماعي والنفسي للجاني.
بالتقييم النفسي للأمتعة في حوزة الجاني.
الهدف الثاني هو فرض تنفيذ القانون.
الهدف الثالث هو تقديم مقترحات وإستراتيجيات لعملية إجراء المقابلات.
بقلم د.حنين حسن
التنميط الجنائي
يستند التنميط الجنائي أو ما يعرف بتنميط الجاني على افتراض أن خصائص الجناة يمكن استنتاجها من خصائص مسرح الجريمة ويعرف على أنه طريقة تحقيق سلوكية تستخدم في حالة عدم توافر الأدلة المادية بمسرح الجريمة لتضييق دائرة المشتبه بهم وربط الجرائم المتشابهة من خلال تحليل نمط الجريمة ونوعها وطريقة ارتكابها لتحديد الخصائص الشخصية للجاني.
ومع أن التنميط الجنائي يعد من أشهر وسائل التحقيق لاقترانه بالمسلسلات والأفلام الدرامية إلا أنه غير مقبول على نطاق واسع في المجتمع النفسي والقانوني وقد حكمت بعض المحاكم بعدم قبول شهادة التنميط لأنه يعطي فقط افتراضات عامة لشخصية مرتكب الجريمة ولا يشير الى شخص بعينه وكذلك عدم توافر الأبحاث والأدلة العلمية الداعمة لصحة التنميط لذلك عندما يساعد التنميط رجال الشرطة في حل القضايا يكون ذلك استثناءً وليس قاعدة.
مناهج التنميط الجنائي
يعتمد التنميط الجنائي على أربعة مناهج أساسية
-المنهج الجغرافي والذي يختص بدراسة توقيت ومكان ارتكاب الجريمة.
-منهج علم نفس التحقيق يختص باستخدام نظريات تحليل نفسية المجرم لتحديد مواصفاته.
-المنهج النمطي يختص بتحليل خصائص مسرح الجريمة لتصنيف شخصية الجاني على أنه منظم أو غير منظم.
-المنهج العيادي يستخدم فيه الطب النفسي لتحديد ما إذا كان الجاني يعاني من أمراض نفسية.
تكوين البيانات الشخصية للجاني
يقوم المحقق الجنائي بخمس خطوات لتكوين البيانات الشخصية للجاني
1-تحليل طبيعة ونوع العمل الإجرامي ومقارنته بجرائم المسجلين الذين ارتكبوا جرائم مشابهة من قبل.
2-تحليل مسرح الجريمة بشكل دقيق.
3-تحليل خلفية وأنشطة الضحية لمعرفة الدوافع المحتملة للجريمة.
5-بناء وصف محتمل للجاني حسب الخصائص التي تم التوصل اليها.
تاريخ التنميط الجنائي
جاك السفاح
أشارت العديد من الأدلة إلى أن تاريخ التنميط الجنائي يعود إلى العصور الوسطى ولكنه لم يحظ بصدى واسع إلا في ثمانينات القرن ال
19 حيث تم ارتكاب خمس جرائم قتل بواسطة قاتل متسلسل يدعى (جاك السفاح) عام 1880 وعلى الرغم من أنه لم يكن أول قاتل متسلسل في التاريخ
إلا أن جرائمه نالت صدًى واسعًا في لندن فقد كان يقتل النساء بطريقة وحشية جذبت انتباه الإعلام
وكذلك خبير شرطة العاصمة (توماس بوند) والذي يعد تقريره عن هذه الجرائم أول ملف إجرامي في التاريخ حيث كتب في ذلك التقرير: “جرائم القتل الخمس ارتكبت بلا شك بنفس اليد،
حيث لابد أن القاتل كان رجلاً يتمتع بقوة جسدية وبروعة كبيرة وجريئة، والقاتل في المظهر الخارجي من المرجح أن يكون هادئ المظهر غير مؤذٍ.
ربما يكون الرجل في منتصف العمر ويرتدي ملابس أنيقة ومحترمة، وسيكون منعزلاً وغريب الأطوار في عاداته “.
المفجر المجنون
عام 1940 وقعت عدة تفجيرات بمدينة نيويورك تسببت في هلع المواطنين ورغم أن الشرطة لم تتوان لحظة في أداء عملها
إلا أن التحقيق لم يتحرك قيد أنملة بسبب عدم وفرة الأدلة واستخدام المفجر لقنابل بدائية لم تسفر عن قتلى ولكن عندما تطورت القنابل المستخدمة في التفجيرات وازدادت حدة المفجر في خطاباته عام 1956 قررت الشرطة الاستعانة بالطبيب النفسي (جيمس بروسيل) وارسلت له الأدلة وكانت عبارة عن صورًا لمسارح الجريمة وخطابات المفجر والتي خرج منها بالاستنتاج التالي: “إن المفجِّر المجنون مصاب بانفصام الشخصية، منعزل، في منتصف الأربعينيات من عمره، ذو جسم رياضي لا بالسمين ولا النحيف، رجل مهندم، أزياؤه ومظهره أبعد ما يكونان عن البهرجة، لا يرتدي المجوهرات، متقن في عمله، ملتزم بالمواعيد، لم ينخرط من قبل في أيٍّ من حلقات اللهو أو المشاغبة، سريع، أصيب بعقدة أوديب ما بين الثالثة والسادسة من العمر.” وقال أيضًا أن المفجر على الأغلب يرتدي سترة ذات أزرار مزدوجة.
عندما تم القبض على المفجر وقد كان عاملًا بمحطة توليد الكهرباء يدعى (جورج ميتسكي) اتضح أنه يتوافق بشدة مع المواصفات حتى أنه يرتدي بالفعل سترة بأزرار مزدوجة كما قال (بروسيل).
سجلت قضية الدكتور (جيمس بروسيل) كأول عملية تحديد أوصاف للجاني فلم يكن لهذه العملية مسمى من قبل حتى أن بروسيل نفسه أطلق عليها “علم النفس العكسي” ولكنها صارت تعرف فيما بعد بعملية “تنميط الجاني”.
ونظرًا لزيادة العنف والجرائم في السبعينات قرر مكتب التحقيقات الفيدرالي افتتاح وحدة العلوم السلوكية لدراسة الجرائم من الجانب النفسي حيث تم تدريس تقنيات التنميط بأكاديمية المكتب آملين أن يساعدهم ذلك في السيطرة على النشاطات الإجرامية التي انتشرت حينها