بين عبق التاريخ وروح المعاصرة، تواصل الدولة المصرية خطواتها الجادة للارتقاء بالمواقع الأثرية وتحسين تجربة الزائرين، في محاولة لدمج سحر الماضي مع خدمات الحاضر.
وفي قلب هذا الجهد، تأتي منطقة أهرامات الجيزة التي بدأت فعليًا في ارتداء ثوب جديد عبر مشروع تطوير شامل للخدمات، يجعل من الزيارة تجربة ثقافية وسياحية متكاملة. ومن هنا جاءت جولة وزير السياحة والآثار شريف فتحي الأخيرة لتفقد ما تحقق من هذه الرؤية على أرض الواقع.
◄ زيارة ميدانية لتقييم تجربة الزائرين
في إطار التشغيل التجريبي لمشروع تطوير الخدمات السياحية بمنطقة أهرامات الجيزة، نفذ وزير السياحة والآثار، شريف فتحي، جولة موسعة لتقييم مدى نجاح المنظومة الجديدة في خدمة الزوار المصريين والأجانب، خاصة مع تزامن الجولة مع احتفالات عيد القيامة المجيد وعيد شم النسيم، والتي تشهد خلالها المنطقة الأثرية إقبالاً كثيفًا من الجماهير.
شارك في الجولة كل من: هند عبد الحليم، نائب محافظ الجيزة، والدكتور محمد إسماعيل خالد، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، والمهندس عمرو جزارين، الرئيس التنفيذي للشركة المنفذة لمشروع التطوير، وأشرف محيي، مدير عام آثار القاهرة والجيزة، إلى جانب عدد من قيادات الوزارة والمحافظة والشركة المنفذة.
◄ محطات التجربة السياحية
حرص الوزير على معايشة تجربة الزائر بداية من بوابات الدخول المطلة على طريق القاهرة – الفيوم، حيث استُقبل الزوار في مركز الزوار الجديد، ثم انتقل بين المحطات المختلفة على مسار الزيارة باستخدام الحافلات الكهربائية التي توفر تجربة بيئية حديثة، حتى الوصول إلى نقطة الختام عند تمثال أبو الهول.
خلال الجولة، أصدر الوزير عدة توجيهات مهمة لتحسين بيئة الزيارة، أبرزها:
– زيادة عدد المظلات والمقاعد ودورات المياه، خاصة في المحطات التي يقف عندها الزائرون خلال الجولة.
– تخصيص عربات تنقل صغيرة للربط بين محطة زيارة هرم منكاورع والهرم ذاته، لتيسير الحركة على كبار السن والعائلات.
– تنظيم حركة الجمالة والخيالة بمنطقة البانوراما وحول هرمي خفرع ومنكاورع، مع تحديد ممرات خاصة ومسارات دخول وخروج محددة.
أظهر الوزير اهتمامًا خاصًا بآراء العاملين الميدانيين، فاستمع إلى عدد من المرشدين السياحيين المتواجدين مع مجموعاتهم، وأبدى تفاعلًا إيجابيًا مع مقترحاتهم، مشيرًا إلى أن المرحلة التجريبية تهدف إلى اختبار كل الجوانب الواقعية للمشروع، لتصحيح المسار ومعالجة التحديات قبل الانتقال إلى التشغيل الكامل.
◄ أرقام تعكس الإقبال
شهدت المنطقة، منذ بدء التشغيل التجريبي، إقبالًا ملحوظًا، حيث بلغ عدد الزائرين خلال الأسبوعين الماضيين فقط أكثر من 177 ألف زائر، وهو ما يؤكد فعالية المنظومة الجديدة في جذب الزوار وتقديم تجربة أفضل.
استجابة للاحتياجات، وجه الوزير بالسماح بدخول الحافلات السياحية الخاصة بالرحلات الجماعية التي تتجاوز 25 سائحًا، وكذلك الرحلات السريعة، إلى داخل المنطقة الأثرية. كما سمح للحافلات الكهربائية التابعة لشركات السياحة بالدخول لتقديم تجربة نقل مريحة.
وفي سياق تحسين تجربة النقل الداخلي، طالبت الوزارة من الشركة المنفذة لأعمال التطوير بزيادة سعة الحافلات الكهربائية إلى 50 مقعدًا لكل حافلة، مع تركيب أحزمة أمان للحفاظ على سلامة الزوار.
◄ متابعة ميدانية مستمرة
تستمر الوزارة في المتابعة اليومية من خلال فرق التفتيش الأثرية المنتشرة على طول مسارات الزيارة ومحطات الحافلات، لرصد أي مشكلات أو ملاحظات والعمل على تداركها بشكل فوري، ما يعكس التزامًا حقيقيًا بجودة الأداء واستدامة النجاح.
ما تشهده منطقة أهرامات الجيزة اليوم ليس مجرد مشروع تطوير، بل هو نقلة نوعية تهدف إلى إعادة تقديم واحدة من أعظم مناطق التراث الإنساني في ثوب جديد يليق بمكانتها في الذاكرة العالمية. وبين التحديات والإنجازات، تمضي مصر بخطى واثقة نحو مستقبل سياحي أكثر إشراقًا.