قلم مكسور
الجزء الأول من رواية أيام البُعد
مقدمه
بدءاً
عندما تصدأ الكلمات بيننا ويتعفن الصمت لا يبقي لنا سوي فقه العيون لنروي منه ظمأ قلوبنا الذي أحدثه البعد الكافر .
رواية ” أيام البُعد”
جذبني الشوق من تلابيب قلبي نحو مكان ٍ كنا نلتقي فيه ..جرجرني الحنين كأسير حرب مهزوم وسياط اللهفة تكوي ضلوعي .. بأنفاث هاربة وصلت وبخطوات رتيبة دخلت ..عيناي دون إرادة رمحت نحو مكان جلوسنا.. مقعدين وطاولة مستديرة ونور خافت في الخلف حول تابلوه لمرأة غجرية الوجه ..
كان يجلس علي مقعدينا عاشقان حديثا الهوي بدا ذاك واضحاً من تلاحم يديهما بغشم !! استقبلني النادل ثم نظر خلفي وفي عينيه سؤال واضح أين حبيبتك ؟ تجاهلت عينيه وسؤالهما وأومأت برأسي متجهاً نحو دورة المياه في إصرار من قلبي للجلوس علي مقعدي معها .. جلست داخل دورة المياه دون شعور بشيء سوي بالوقت يمضي ببطء ..
خرجت أيضا نظرت في المرآة رأيت ابتسامتها “طسست”وجهي بماء بارد فرأيت وجهها أوضح ؟! خرجت لأجد مكاننا قد رفض العاشقين وطردهما معلناً أنه مخصص للعشق الكبير فقط.. جلست ووضع النادل طبقين وشوكتين وسكينين وملعقتين وخرج ..
عكست اسطح الملاعق والسكاكين ظلها تبسمت وأغمضت عينيّ وسرحت في آخر لقاء بيننا وأفقت علي صوت لحركة سحب المقعد الذي أمامي .. كأنها هي تجلس دققت النظر اقسم بالله كانت هي علي حقيقتها تلاته بالله هي ..
جلست امامي بعينين محشورتين بالدموع وبحركة عفوية مددت يدي ووضعتها علي جبهتها مروراً بخدها ضاغطاً علي جفنها وتحسست انفها فرت دمعة منها التقفتها ثم عاودت تحسس وجهها صاعداً الي خصلة شعر كانت قد هربت من تحت حجابها من شدة الشوق الي لمسة يدي لها رفعت خصلة شعرها وجعلت إصبعين من يدي يعانقاها وبالإبهام خصصته لأمسح دمعاتها الهاربة .. حضرتك طلبت حاجه ؟؟
رواية ” أيام البُعد”
سمعت النادل يقول أيضا ..لم ألتفت إليه كررها حضرتك طلبت حاجه ؟؟ كنت مشغولاً بري عيني من ملامح وجهها لم أرد ولم ألتفت .. في الثالثة طلبت انا قهوتها بنا فاتحا سادةً .. ثم طلبت هي قهوتي بنا محوجا زيادةً .. تبسمت وتبسمت أنا .. عامله ايه ؟سؤال طرحته عليها ..
وكأنني قلت لها أيضا انفجري في البكاء بصوت عالٍ بكت .. وبشهقة رجل مكابر عن البكاء قلت بصوت عالٍ يعلو عن صوت بكائها .. مش هبعد عنك تاني تبسمت وتبسمت أنا ..ورحنا في نظرة طويلة قطعها النادل ووضع قهوتي أمامها ووضع قهوتها أمامي فبدلناهما بضحكة قلب مسموعة وبعيون صافية هذه المرة ..
تركنا النادل والحيرة تكسوه .. بصوت مبحوح قالت : ليه ده كله أنا بموت في كل لحظة من غيرك ؟ رددت وقلت : ايه جابك النهارده هنا ؟ ردت : انا اول ما أحس إن جنوني هيظهر عليّ ّبسبب بعدك آجي هنا وأطلب قهوتك وأمشي ..
هي : أأأأ قاطعها النادل وأخذ فنجانها وفنجاني بعد أن شربناهما دون وعي .. يداي الاثنتان ألتهمت يديها .فقالت هي مرة ثانية : أأأ .. النادل وقت الغدا يا استاذ حضرتك طلبت حاجة ..
بصوت عالٍ قلت :يابن الكاااالب قاصداً النادل تبسمت وتبسمت انا.. أردفتها هي قائلة : وحشتني .. كررتها أنا مش هبعد عنك تاني .. آسف النادل قالها هذه المرة وانسحب … ثم جلست وقلت لها اخبريني عن أيام البعد ..أخرجت كومة من الورق وبدأت تبكي وتقرأ وتحكي……..