تحدثت تقارير إعلامية حول مفاوضات وشيكة بين الولايات المتحدة وإيران حول الملف النووي بوساطة أمريكية، وذلك في أعقاب رسالة بعث بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى طهران، ونقلها المستشار الدبلوماسي الإماراتي أنور قرقاش.
ونقل موقع « Amwaj.media» عن مصدر سياسي رفيع المستوى في طهران، أن إيران لم ترد بعد على ما يبدو أنه طلب إماراتي لتسهيل التواصل بين الطرفين، موضحًا: «لم نتخذ قرارًا بعد، وكل شيء يعتمد على موعد تجهيز الرد على رسالة ترامب».
وخلال مؤتمر صحفي عُقد قبل ساعات، جدد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي موقف طهران الرافض لأي مفاوضات مباشرة «في ظل الضغوط القصوى»، لكنه أكد في الوقت نفسه أن سياسة إيران حاسمة، إلا إذا شهدت تغييرًا في نهج واشنطن، ما يشير إلى إمكانية إجراء محادثات غير مباشرة بين الجانبين.
وبدوره قال مصدر سياسي إيراني رفيع المستوى في تصريحات، إن الوساطة العربية في المحادثات بين إيران والولايات المتحدة ليست معقدة كما يتصورها البعض، مشيرًا إلى أن المفاوضات السابقة جرت في إحدى العواصم الإقليمية بطريقة مباشرة ولكنها غير رسمية. وأوضح المصدر: «كنا جميعًا—المسؤولون الإيرانيون والأمريكيون—في مجمع واحد، وكان مضيفونا يتنقلون بين الغرف لنقل المواقف خلال المفاوضات».
ولم يتضح بعد ما إذا كان طلب استضافة الإمارات لهذه المحادثات قد جاء من أبوظبي أو من إدارة دونالد ترامب. ومع ذلك، صرّح الأكاديمي والمحلل السياسي الإماراتي البارز عبدالخالق عبدالله بأن الفكرة طُرحت لأول مرة بالتزامن مع رسالة ترامب الأخيرة إلى إيران .
وفي تصريحات إعلامية، قال عبدالله: «من اللافت أن ترامب يفضل الإمارات لهذا الدور» لاقتًا :«كما أعتقد أن طهران ترغب أيضًا في أن تلعب الإمارات هذا الدور، فكلا الطرفين يثق بها».
مباحثات إيران وأمريكا: غموض حول الأهداف وحدود التفاوض
في السياق نفسه، أوضحت مصادر إيرانية مطلعة في تصريحات أن رسالة ترامب الأخيرة إلى إيران تضمنت جدولًا زمنيًا يمتد لشهرين، مؤكدةً بذلك ما تم تداوله في وسائل الإعلام الأمريكية. وشدد مصدر آخر مطلع على الرسالة الأمريكية أن ترامب أعرب فيها عن رغبة في تحقيق نتائج ضمن إطار زمني محدد، لكنه أشار إلى أن «الرسالة ليست واضحة تمامًا… ولا تبدو وكأنها إنذار نهائي».
إلى جانب الجدول الزمني للمفاوضات، هناك أيضًا التباس حول طبيعة القضايا التي يسعى ترامب إلى التفاوض بشأنها مع إيران. فمستشار الأمن القومي الأمريكي مايك والتز طالب علنًا بالتفكيك الكامل للبرنامج النووي الإيراني، وهو مطلب ترفضه طهران قطعًا.
في المقابل، أشار ستيف ويتكوف، المبعوث المفترض لترامب في الشؤون الدبلوماسية، إلى انفتاح محتمل على فرض قيود بدلاً من تفكيك كامل، وهو ما قد يفتح الباب أمام حل دبلوماسي.
محتوى الرسالة الأمريكية
وبحسب المصدر الإيراني المطلع على الرسالة، فإنها تشير إلى نهج “التخصيب الصفري”، لكنه تساءل عمّا إذا كان هذا هو الموقف الأمريكي النهائي فعلًا. كما شدد على أن الرسالة لم تتطرق إلى الوجود والنفوذ الإيراني في المنطقة، لكنها أشارت إلى بعض التقنيات المرتبطة بتصنيع الأسلحة النووية.
في غضون ذلك، أفادت تقارير بأن الرسالة الأمريكية تضمنت مطالب تشمل: تفكيك البرنامج النووي الإيراني بالكامل، وقف الدعم لحزب الله اللبناني وحركة أنصار الله اليمنية، والمساعدة في تفكيك قوات الحشد الشعبي في العراق، إضافةً إلى فرض قيود على برامج الطائرات المسيّرة والصواريخ الإيرانية.
توازي عمليًا فرض استسلام إيراني غير مرجح
رفضت إيران الكشف عن محتوى رسالة ترامب، مؤكدةً أنها لا ترى سببًا لنشرها، لكنها شددت على أنها سترد عبر القنوات المناسبة بعد إجراء مراجعة شاملة. ووفقًا للتقارير، بدأت طهران تقييم الرسالة في 13 مارس، أي بعد يوم واحد من تسلمها عبر أنور قرقاش.
وبحسب موقع «نور نيوز»، المقرب من علي شمخاني، الأمين السابق للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، فإن الرسالة تخضع لتقييم على ثلاثة مستويات: الخبراء، صُنّاع القرار، وصناع السياسة النهائية، قبل اتخاذ القرار بشأن الرد الرسمي.
ونقلت مصادر مطلعة في طهران أن الرد الإيراني الرسمي من المتوقع أن يصدر “في الأيام المقبلة”، في إشارة إلى أن طهران لا تزال تدرس خياراتها بعناية قبل اتخاذ موقف واضح.