كانت منذ بداية اليوم يظهر عليها علامات ما قبل الاعتراف بشئ، منحتها مساحتها الخاصة كعادتي، وفي آخر رشفة من فنجان قهوتي في الخامسة مساءاً، اقتربت بوجه شاحب يرمح فيه دلال دامع، ووضعت يدها الذابلة علي كفي وقالت بتلعثم من أثر الداء اللعين: هل أستطيع أن أطلب منك طلب أخير؟ بلهفة من سمع طفله الأول ينطق أول كلمة” بابا” في حياته قلت: بل احلمي وفقط، قالت بعد أن غطي اللون الأصفر كامل وجهها ومستحضره ما تظنه دلال: أريد أن أقرأ ما ستكتبه عني بعد موتي، أجابها كفي برعشة لا إرادية تحت كفها، وردت هي بعصر كفي بضمة قوية جعلت قلبي يشعر بالفرح من قدرتها عليها، وخال لي بأن الموت لن يقترب منها أبداً، تمالكت ما بقي مني وقلت بابتسامة يشوبها كل أنواع الرعب والخوف: غالباً ستأخذي معك حروفي وكلماتي وقلمي وأوراقي، ردت بدموع غير تسيل دون ضجيج: هذا طلبي وأمنيتي الوحيدة، وصمتت للحظات حتي خشيت عليها من الموت الآن ثم قالت: هل تذكر أول هدية مني لك؟ قلم أبانوس الذي أفضل الكتابة به دوماً، خشيت أن أخبرها بأني أذكرها فتطلب أن أكتب به، وخشيت أن لا أتذكرها فيكسر ما بقي من قلبها!! أخبرتها إذاً، ترنحت واحضرته، وفردت أمامي ورقة بها قلب ووردة كانت أول تعبير منها عن حبها لي، وقالت: أتوسل اليك أن تكتب، وضعت رأسها علي كتفي لأشعر لأول مرة بأن الدموع تصبح ساخنة، سالت علي كتفي وأدرت يدي لاحتضنها بيد الكتف الذي يغتسل من دموعها، وكتبت باليد الأخري وقلت:…….
من نهاية رواية ” ملاك الورد”