يراقب العالم عن كثب تطورات الأوضاع في سوريا، وسط تنامي القلق من تحولها إلى بؤرة صراع جديدة تضاف إلى أزمات المنطقة، لاسيما بعد انكشاف المخططات الإسرائيلية تجاه مستقبل سوريا في مرحلة ما بعد حكم «آل الأسد».
ووفق مدير المرصد السوري، رامي عبدالرحمن، فإن إسرائيل دمرت الترسانة العسكرية للبلاد، من مطارات عسكرية وصواريخ «أرض – أرض» بالقلمون، ومحطات الرادارات في طرطوس، بالإضافة إلى أكثر من 15 سفينة حربية بميناء اللاذقية ومواقع في ريف الرقة، ودير الزور والقامشلي ومعامل الدفاع بحلب، ومركز البحوث العلمية التابع لوزارة الدفاع بفرعيه في جمرايا وبرزة في دمشق حيث سويا بالأرض.
الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على الأراضي السورية، تجلي الغبار حول المخططات الإسرائيلية المتعلقة بالشأن السوري، حيث يرى الكاتب والباحث السوري قصي عبيدو في تصريحات خاصة، أن أطماع إسرائيل التوسعية لاتتوقف وبدأت خطواتها تظهر تباعاً على الأرض السورية، مدللا على ذلك بفتحخ جيش الاحتلال أكثر من جبهةبالمنطقة، بدءاً من فلسطين ولبنان وصولاً لسوريا.
وتابع: «منذ عقود تحلم إسرائيل بالدخول إلى سوريا، والأن تم هذا الأمر دون أي مقاومة بسبب إنشغال الشعب السوري بما يحصل في الداخل بعد سقوط النظام».
◄ صفقة ثلاثية في الغرف المغلقة
يعمق من القلق المتنامي حول المستقبل السوري، التأييد المطلق من الإدارة الأمريكية للغزو الإسرائيلي للأراضي السورية، ودفاعها عن الضربات الإسرائيلية في الداخل السوري، ويعقب على ذلك الخبير في مركز الدراسات الاستراتيجية بالأهرام، الدكتور بشير عبد الفتاح، مؤكدًا أن رد الفعل الأمريكي يأتي في إطار الدعم المطلق لإسرائيل سواء من إدارة بايدن أو ترامب، بل وفي إطار الصفقة التي عقدت بين الولايات المتحدة وإسرائيل وتركيا، بشأن ما يجري علي الأرض السورية.
ويضيف «عبد الفتاح» في تصريحات خاصة أن نصيب إسرائيل من تلك الصفقة، احتلال المزيد من الأراضي السورية، والقضاء علي القدرات العسكرية للجيش السوري، بذريعة أنها تشكل تهديدا في يد نظام غير موثوق من قبل إسرائيل.
تطورات الشأن السوري أعادت للواجهة الحديث عن خرائط اليد الطولى لإسرائيل في الشرق الأوسط الجديد، تحت إشراف أمريكي وبمساندة تركية وفقا لعبد الفتاح، وذلك في ظل غياب عربي وقبول روسي إيراني، محذرًا في الوقت نفسه من تداعياته علي الأمن القومي العربي، ومستقبل العمل العربي المشترك، نظرا لزيادة ثقل، ونفوذ الأطراف غير العربية بالمنطقة.
ويوضح «عبد الفتاح»، أن إسرائيل عندما كانت تتحدث عن الشرق الأوسط الجديد، كانت تقصد منطقة خالية من محور المقاومة والنفوذ الإيراني وهو ما تحقق بالفعل.
وتابع: «يبدو أن إسرائيل تريد التخلص من كل الجماعات التابعة لإيران، وأن ما تقوم به في غزة ثم لبنان وسوريا، وما هو متوقع مع جماعة الحوثي باليمن، قد يحقق لها أهدافها».
◄ تدمير قدرات الجيش السوري
تدمير القدرات العسكرية للجيش السوري، يستهدف في المقام الأول بحسب الخبير بالشأن السوري واللبناني، أشرف أبوالهول إخراج سوريا من معادلة الصراع العربي الإسرائيلي، سيما وأن إعادة بناء الترسانة السورية وفق قدرات العتاد العسكري المدمر، يستغرق عشرات السنوات بخلاف قيمة التكلفة، ما يجعل من الصعب علي الشعب السوري في ظل إمكانياته الاقتصادية الراهنة أن يبني ترسانة بهذا الحجم مرة أخرى.
اقرأ أيضا| المبعوث الأممي في سوريا يحذر من مخاطر حرب أهلية جديدة
ويشير «أبوالهول» في تصريحات خاصة إلى أن إسرائيل بجانب رغبتها في تحييد سوريا الجديدة، تسعى إلى تحقيق عدد من الأهداف تتركز في: قطع الطريق أمام الإمدادات العسكرية القادمة من سوريا إلى حزب الله اللبناني، وكذا حرمان الحزب اللبناني من «القاعدة الخلفية» التي كان يتدرب فيها من قبل، بالإضافة إلى تدمير أهم قاعدة عسكرية للخبراء الإيرانيين في المنطقة، هذا إذا اعتبرنا أن العاصمة اليمنية صنعاء بعيدة نسبيا، وأن العراق يريد الاستقلال بعيدا عن المظلة الإيرانية.
◄ انشغال المعارضة في تقسيم الغنائم
ومع انشغال الأطراف السورية بما يحدث في سجن صيدنايا وتعيين حكومة جديدة، وتسليم السلطة، وتفكيك حزب البعث وغيره، لم يكن هناك أي دور للمعارضة فيما يحدث من احتلال للأراضي، وتقسيم الأدوار، وفقا لأبو الهول. موضحا أن تفكيك الأجهزة الأمنية بدأت تتضح معالمه، مع الانخراط في تقسيم غنائم الحرب بين الفصائل المسلحة.
وحول إشارات التأييد الأمريكي، يوضح أبو الهول أنها تركت المعارضة المسلحة تختار أحد المقربين منها لرئاسة الحكومة الانتقالية، حيث لم تشترط دورا للمعارضة المدنية، وهذا معناه أن أمريكا وحلفاؤها الغربيين يتقبلون الأمر، خاصة وأنهم ألمحوا إلى امكانية إزالة هيئة تحرير الشام من قائمة التظيمات الإرهابية، ما يعني بتمرير نظام ذو مرجعية دينية، محذرا من احتمالية عودة الإسلام السياسي للمنطقة، بذريعة ضعف القوة المدنية.
ويشير إلى أن المناطق التي تريد أن تحكمها لاسيما وأن إسرائيل تلعب حاليا، بدفع الايزيدين والأكراد في إقامة دويلات لهم، لاسيما أنها تري في تقسيم سوريا سينشغلون ببعضهم البعض ولن تكون من أولوياتهم استرجاع الأراضي المحتلة الأمر الذي قد يصب في مصلحتها.