عملة بريكس.. لازالت أصداء المفاجأة التى أعلن عنها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للعالم خلال قمة تجمع دول “بريكس” في قازان، تحدث صدى واسع في الأوساط العالمية وذلك بعد قيامه برفع ورقة نقدية تحاكي عملة “بريكس”،حيث تشير رسومها إلى العمل المشترك في إطار المجموعة.
وتباينت الآراء وردود الفعل حول هذه المفاجأة وتأثيره على هيمنة الدولار الأمريكي على اقتصاديات العالم وذهب المتفائلون الي القول أن عملية بريكس هو الوحش الذى يلهتم الدولار وينزله من عرشة ليطيح به من السيطرة الاقتصادية العالمية .
الرئيس الروسي يرفع عملة بريكس الجديدة
قصة ورقة عملة بريكس
ذكرالسكرتير الصحفي للكرملين دميتري بيسكوف أن الرئيس بوتين اطلع على الورقة في قمة المجموعة.
وأضاف: “الرئيس الروسي بعد مشاهدته الورقة الرمزية عرضها مبتسما على الوزراء في الحكومة الروسية وسلمها إلى رئيسة البنك المركزي الروسي إلفيرا نابيولينا”.
وأضاف بيسكوف أن الورقة تحمل معنى رمزيا يشير إلى “العمل المشترك الذي يتم تنفيذه في إطار “بريكس”، مشيرا إلى أن جهة روسية إما غرفة التجارة والصناعة أو جهة أخرى هي التي طبعت الورقة الرمزية.
ودعاقادة دول “بريكس” في إعلان قازان لدول المجموعة إلى تعزيز شبكات البنوك المراسلة بين دول المجموعة التي تضم 10 دول.
كماأصدرت قمة “بريكس” تعليمات لوزراء المالية ورؤساء البنوك المركزية في دول المجموعة بمواصلة بحث مسألة زيادة استخدام العملات الوطنية في التجارة البينية وأدواتالدفع والمنصات الإلكترونية المستقلة عن “سويفت”.
كما دعا قادة دول المجموعة إلى تعزيز شبكات بنوك المراسلة بين دول المجموعة، ورحبوا باستخدام العملات الوطنية في التعاملات المالية بين دول المجموعة وشركائها التجاريين.
الدولار الأمريكي
بحسب الخبراء، قد تكون عملة “بريكس” الورقية ممكنة؛ لكنها عملية تستغرق سنوات من التحضير، حيث تتطلّب إنشاء بنك مركزي جديد واتفاقاً بين الدول الأعضاء في على التخلص التدريجي من عملاتها السيادية الخاصة بها.
كما تحتاج العملة الورقية إلى أن تكون مغطاة بالذهب بوصفه وسيلة لإبراز قوتها، ويتحدث محللون في هذا الإطار عن أنها يفترض أن تكون مغطاة بالذهب بما نسبته 40 في المائة، مقابل60 في المائة من عملات دول “بريكس”.
ويؤكدالرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن دول مجموعة بريكس بصدد الكشف عن عملتها الموحدة لكن لن يتم تطبيقها خلال القريب العاجل نظرا لأن هناك مفاوضات بين دول مجموعه البريكس على الانتهاء على توحيد الإطار القانوني في المقام الأول بعدما أعلنت مجموعة بريكس توسيع عضويتها بالموافقة على انضمام 10 “دول شريكة” جديدة في البيان الختامي للقمة في قازان.
كما جاء اقتراح الرئيس الروسي بوتين بتدشين منصة مالية جديدة للمجموعة هدفها معالجة التضخم وزيادة الأسعار ودعم الاقتصاد الوطني لكل دولة من دول تجمع بريكس وتأمين المواد للدول ليؤكد أن هناك سعي حثيث للمجموعة لتوحيد تعاملاتها المالية والتخلي عن الدولار الأمريكي في التعاملات البينية لها بشكل تدريجى.
التأثيرعلى الدولارالأمريكي
وفي كل الأحوال فإن طرح عملة موحدة لمجموعة دول بهذا الحجم الكبير بالتأكيد سيكون له تأثيركبير على هيمنة الدولار الأمريكي على أسواقالعالم، سواء في التجارة بين دول العالم أو سيطرته على الاحتياطات النقدية للدول في العالم كله، وهو ما يعطي الولايات المتحدة قوة اقتصادية تستطيع من خلالها ليس فقط السيطرة الاقتصادية ولكن الإطاحة بأي اقتصاد منافس فقط باستخدام الدولار والعقوبات الاقتصادية،وتجميد أصول الدول من الدولار.
وكان رجل الأعمال الأمريكي ومؤلف الكتاب الشهير “الأب الغني الأب الفقير” روبرتكيوساكي، قد حذر من أن عملة تكتل بريكس الرقمية المدعومة بالذهب حال صدورها ستشكل تهديد اًلعرش الدولار الأمريكي في المعاملات الدولية، وربما تكتب نهاية لعصر الدولار.
لكن محللين آخرين رأوا إن عملة البريكس المحتملة ستتعايش جنباً إلى جنبمع النظام النقدي العالمي القائم على الدولار، فقد استغرقت عملية إحلال اليورو مكانالدولار خمسة عقود من الزمان واشتملت على إنشاء اتحاد المدفوعات الأوروبي في عام1950 وإدخال نظام مقاصة خاص بالعملة الأوروبية.
قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن البحث عن بدائل للدولارليس لمحاربة هذه العملة، لكن بالمقابل يُستخدم الدولار كسلاح لتحقيق أهداف سياسية مايمثل خطأً كبيراً.
وأضاف: «نحن لا نرفض الدولار ولا نحاربه، ولكن إذا مُنعنامن العمل به، فماذا علينا أن نفعل؟ علينا بعد ذلك البحث عن بدائل، وهذا ما يحدث، ماتفعله أميركا من فرض عقوبات على خصومها باستخدام الدولار يقوض الثقة في هذه العملةويقلل من قدراتها».
هيمنة الدولارالأمريكي على الاقتصاد العالمي
أكدت وزارة المالية الروسية، في بيان، أن من شأن العملة المحتملة لمجموعة البريكس أن تسمح لهذه الدول بتأكيد استقلالها الاقتصادي، في حين تتنافس مع النظام المالي الدولي القائم، حيث يهيمن الدولار الأميركي على النظام الحالي، والذي يمثل نحو 90% من إجمالي تجارة العملات.
وأضافت أنه حتى وقت قريب، كان ما يقرب من 100% من تجارة النفط تتم بالدولار الأميركي، لكن أشارت التوقعات بحلول عام 2023 إلى أن خمس تجارة النفط ستتم باستخدام عملات أخرى.
العملات البديلة
رغم انخفاض حصة الدولار كعملة احتياطية لصالح اليورو والين الياباني، فإن العملة الأميركية لا تزال العملة الاحتياطية الأكثر استخداماً، يليها اليورو، والين، والجنيه الإسترليني، واليوان الصيني.
ووفقاً للمجلس الأطلسي، يُستخدم الدولار الأميركي في حوالي88% من عمليات تبادل العملات، و59% من جميع احتياطيات العملات الأجنبية التي تحتفظبها البنوك المركزية.
موعد الإصدار عملة بريكس
سبق لقادة المجموعة مناقشة إطلاق العملة الموحدة خلال قمة البريكس الرابعة عشرة، التي عقدت في منتصف عام 2022. وفي أبريل 2023، أبدى الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولادا سيلفا دعمه لعملة البريكس، قائلا: «لماذا لا تستطيع مؤسسة مثل بنك البريكس امتلاك عملة لتمويل العلاقات التجارية بين البرازيل والصين، وبين البرازيل وجميع دول البريكس الأخرى؟
أبرز مكاسب مصر من طرح عملة موحدة لمجموعة بريكس
وتعد مصر من أكبر المستفيدين من طرح عملة موحدة لمجموعة بريكس،حيث سيمكنها ذلك من التحرر من ضغوط عدم توفر الدولار الأمريكي في السوق المصري ومايمثله ذلك ويتسبب فيه من ضغط على العملة المحلية واستمرار إضعافها وبالتالي ارتفاعالأسعار المحلية وإلتهام أي عوائد لمشروعات التنمية التي تم تنفيذها خلال العشر سنواتالأخيرة.
وذلك بعدما تستطيع مصر في مجموعة بريكس من شراء السلع الأساسيةمثل الحبوب أو الأدوية أو السيارات (وهي أهمالسلع تضطر الدولة لشرائها بالدولار من الخارج) ستستطيع مصر شراءها بالعملات المحليةللمجموعة سواء الجنيه الذى ستكون أمامه فرصة لتوسيع تعاملاته مع دول المجموعة أو غيرهمن عملات الدول الأعضاء بعيدا عن الدولار.
ولن تتوقف استفادة مصر على تقليل التعامل بالدولار فقط، بل ستزيد الفرص الاقتصادية كثيرا في التكتل الاقتصادي الجديد، حيث تعد عضوية مصر بتجمع”بريكس” فرصة سانحة أمام مصر لتعزيز العلاقات الاقتصادية مع دول مجموعة”بريكس”، وزيادة حجم التبادل التجاري مع هذه الأسواق الضخمة، وكذلك جذب المزيدمن الاستثمارات الأجنبية المباشرة لمصر للعديد من القطاعات المهمة، فضلًا عن زيادة حجم الصادرات المصرية لاسيما للأسواق الناشئة بالتجمع مثل البرازيل والهند وجنوب أفريقيا،إلى جانب تكثيف التعاون في مجالات الطاقة والأمن الغذائي ونقل التكنولوجيا واللوجستيات.
كما تهدف مصر من خلال انضمامها لتجمع “بريكس” لتعزيزالشراكات الإقليمية والدولية، وتعزيز التعاون والتنسيق بين دول بريكس، ودعم آليات التنسيق حول إصلاح النظام الاقتصادي العالمي، ودفع الجهود لزيادة تمثيل الدول النامية في الأطرالمالية والنقدية الدولية بما يعكس تزايد وزنها الاقتصادي، بجانب تعظيم الاستفادة من المزايا التي تتيحها اتفاقيات التعاون والتبادل التجاري بين الدول أعضاء المجموعة،لاسيما جذب الاستثمارات وفتح أسواق جديدة أمام الصادرات المصرية.
• توطيد العلاقات التجارية بين مصر ودول المجموعة وزيادة الصادرات المصرية إلى أسواق دول بريكس
• تخفيف الضغط على النقد الأجنبي وخاصة الدولار مما يسهم في استقرار سعر الجنيه
•فرصة للمنتجين والمصنعين المصريين، لتصدير المنتج المصريلدول بريكس لاسيما الأسواق الناشئة الرئيسة مثل الهند والبرازيل وجنوب أفريقيا
• زيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة لدول مجموعة بريكسفي مصر، تعد مصر سوقًا ضخمة وواعدة ومتعددة الفرص الاستثمارية.
•جذب الاستثمار الأجنبي المباشر من في مصر، لاسيما قطاعات الرقمنة والتنمية الزراعية، والطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر.
• تعزيز الروابط بين بريكس والقارة الأفريقية مما يعود بالنفع المتبادل بين دول تجمع بريكس ودول القارة الأفريقية.
تبادل الخبرات وتوطين الصناعة المصرية إذ تسهل عضوية مصرفي تجمع بريكس تبادل الخبرات والكفاءات مع دول المجموعة بشكل مباشر.
• توفير تمويل ميسر لمصر، نظرًا لتوفير مجموعة بريكس تمويلًاميسرًا لأعضائه، من خلال بنك التنمية الجديد “NewDevelopment Bank
• تأمين الاحتياجات المصرية من السلع الاستراتيجية لاسيما القمح والأرز، مع إمكانية الحصول عليها بالعملاتالمحلية.
• زيادة حجم التبادل التجاري بالعملات المحلية لاسيما وأن حجم تجارة مصر مع دول بريكس يقدر بنحو ثلث حجم تجارة مصر الكلي البالغ نحو 31 ملياردولار.
وتأسست مجموعة “البريكس” في عام 2006 من جانب البرازيل وروسيا والهند والصين، وانضمت إليها جنوب أفريقيا في عام 2011، وفي 1 يناير 2024، أصبحت مصر وإيران والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وإثيوبيا أعضاء كاملي العضوية. وستكون قمة قازان الأولى التي يحضرها الأعضاء الجدد للمجموعة.