بعد فوزه في انتخابات أمريكية 2024 التي جرت في 5 نوفمبر الجاري، أعلن الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب عن تعيين ستيفن ميلر نائبا لكبير موظفي البيت الأبيض للشؤون السياسية في إدارته المقبلة، ما يحمل في طياته الكثير من الدلالات حول التوجهات السياسية التي قد تطرأ على قضايا الهجرة في الولايات المتحدة، حيث يُعتبر ميلر واحدًا من أبرز الوجوه السياسية المثيرة للجدل بسبب مواقفه الصارمة والمتشددة في هذا الملف. خلال فترة رئاسة ترامب الأولى، كان ميلر يُعرف بتطبيق سياسات قاسية ضد المهاجرين، وهو ما دفع الكثير من النقاد إلى وصفه بأنه “مهندس” السياسات التي ساهمت في تعميق الانقسامات داخل المجتمع الأمريكي.
في هذا الصدد سلطت عدة تقارير اجنبية الضوء على تاريخ ميلر المثقل بالسياسات المثيرة للجدل التي وضعها وأثرها العميق على السياسات الأمريكية، إضافة إلى تسليط الضوء على بعض المواقف التي جعلت منه شخصية محورية في السياسة الأمريكية المتعلقة بالهجرة.
من هو ستيفن ميلر؟
ستيفن ميلر، الذي تخرج من جامعة دوك في عام 2007، دخل عالم السياسة في سن مبكرة وارتبط ارتباطًا وثيقًا بالحركة السياسية المحافظة في الولايات المتحدة، وعمل كمسؤول سياسي في حملات متعددة قبل أن يصبح جزءًا لا يتجزأ من فريق حملة دونالد ترامب في عام 2015.
ما يميز ميلر عن غيره من مستشاري ترامب هو مواقفه الصارمة في ما يتعلق بالهجرة، حيث كان يُعرف بتطوير استراتيجيات تهدف إلى الحد من تدفق المهاجرين إلى الولايات المتحدة بشكل عام.
كانت سياسة ميلر في فترة رئاسة ترامب قائمة على أساس فرض قيود صارمة على الهجرة، سواء كانت شرعية أو غير شرعية، وواجهت سياساته معارضة شديدة من قبل مؤسسات حقوق الإنسان، بالإضافة إلى العديد من القادة السياسيين في الحزب الديمقراطي.
وقد عُرف ميلر بتأثره العميق بأيديولوجيات متشددة في قضايا الهجرة، وهو ما جعله هدفًا دائمًا للانتقادات، سواء من قبل وسائل الإعلام أو من قبل بعض أفراد عائلته.
من فصل العائلات إلى حظر السفر
من أبرز السياسات التي ارتبطت باسم ميلر كانت سياسة فصل العائلات على الحدود الجنوبية للولايات المتحدة، والتي بدأ تطبيقها في عام 2018، إذ أنه عندما بدأ تدفق المهاجرين غير الشرعيين إلى الحدود الأمريكية في التزايد، قررت إدارة ترامب فرض سياسة جديدة تقضي بفصل الأطفال عن عائلاتهم إذا تم القبض عليهم أثناء محاولاتهم العبور إلى الولايات المتحدة بشكل غير قانوني.
وقد تعرضت هذه السياسة لانتقادات شديدة من الداخل والخارج، حيث رآها الكثيرون انتهاكًا لحقوق الإنسان وقسوة لا تُغتفر تجاه الأطفال. وُصِفَ ميلر بأنه “مهندس” هذه السياسة، وقد تم تحميله المسؤولية المباشرة عن هذه الخطوة التي أثارت غضبًا واسعًا بين المدافعين عن حقوق الإنسان.
حظر السفر من الدول ذات الأغلبية المسلمة
أما بالنسبة لسياسة حظر السفر، فقد كان ميلر من أبرز المدافعين عن هذه السياسات في إدارة ترامب، إذ في عام 2017، تم فرض حظر على دخول مواطني عدة دول ذات أغلبية مسلمة إلى الولايات المتحدة، وهو ما أُطلق عليه “حظر السفر”.
كان ميلر أحد الأفراد الرئيسيين الذين عملوا على صياغة هذه السياسة التي تهدف إلى تقليص دخول المسلمين إلى الأراضي الأمريكية.
أثارت هذه السياسة جدلاً واسعًا على الصعيدين الداخلي والدولي، إذ اعتبرها الكثيرون بمثابة تمييز ديني وعنصري. ورغم أن المحكمة العليا الأمريكية أيدت القرار في عام 2018، إلا أن الجدل حول تأثير هذه السياسات على صورة الولايات المتحدة كداعم لحقوق الإنسان لم ينتهِ.
تأثير ميلر على سياسة الجنسية والهجرة
في 2019، أثار ميلر جدلاً جديدًا عندما أشار إلى أن الإدارة الأمريكية كانت تدرس إمكانية إلغاء “حق الجنسية بالولادة” الذي يكفله التعديل الرابع عشر للدستور الأمريكي، إذ كانت هذه الفكرة جزءًا من رؤية ميلر التي تهدف إلى تقليص حقوق المهاجرين، حيث كان يرى أن العديد من الأطفال الذين يولدون في الولايات المتحدة من آباء غير شرعيين لا يجب أن يحصلوا على الجنسية الأمريكية بشكل تلقائي.
انتقادات من الداخل
أحد اللحظات الأكثر لفتًا للنظر في تاريخ ميلر السياسي كانت الانتقادات التي وجهها إليه عمه، الدكتور ديفيد جلوسر، والذي كان أحد أفراد عائلة ميلر الذين هاجروا إلى الولايات المتحدة في بداية القرن العشرين هربًا من الاضطهاد العرقي في أوروبا الشرقية.
في مقال نشره في 2018، وصف غلوسر سياسات ميلر بأنها “خيانة” للمبادئ التي قامت عليها عائلته، داعيا ميلر إلى ضرورة إعادة النظر في السياسات التي يدافع عنها، معتبرًا أنها تتناقض مع القيم التي تأسس عليها المجتمع الأمريكي.