حققت البعثة الأثرية الفرنسية التابعة لجامعة ليون والمعهد الفرنسي للآثار الشرقية بالقاهرة إنجازًا جديدًا في موقع تابوزيريس ماجنا، أحد أهم المواقع الأثرية في الساحل الشمالي لمصر.
اكتشف الفريق رأس تمثال رخامي لرجل كبير في السن يعود للعصر البطلمي، مما يُلقي الضوء على أهمية هذا الموقع منذ العصور القديمة.
تُضاف هذه القطعة إلى سجل الاكتشافات التي تُبرز ثراء الموقع وأهميته في العصرين اليوناني والروماني، حيث كان مركزًا دينيًا وسياسيًا بارزًا.
◄ الاكتشاف الجديد
تمكنت البعثة الأثرية بقيادة الدكتور Joachim le Bomin من الكشف عن رأس تمثال رخامي يبلغ ارتفاعه 38 سم، مما يجعله أكبر من الحجم الطبيعي لرأس الإنسان، يعود التمثال إلى فترة ازدهار فن التصوير الواقعي في نهاية الحقبة الهلنستية، ويُعتقد أنه كان جزءًا من تمثال ضخم داخل مبنى ذي أهمية سياسية أو عامة.
أكد محمد عبد البديع، رئيس قطاع الآثار المصرية، أن الرأس المكتشف يتميز بملامح دقيقة وواقعية لرجل مسن، تظهر على وجهه التجاعيد وعلامات الصرامة والمرض، يُرجح أن الرأس يعود إلى شخصية عامة بارزة من غير الملوك، مما يعكس أهمية موقع تابوزيريس ماجنا كمركز سياسي وديني منذ عهد بطليموس الرابع.
◄ أهمية تابوزيريس ماجنا
تُعد تابوزيريس ماجنا واحدة من أبرز المواقع الأثرية في الساحل الشمالي لمصر، ويعني اسمها “منزل الإله أوزير”، مشتقًا من الكلمة المصرية القديمة “بر وسر”، يحتوي الموقع على مجموعة كبيرة من الآثار التي تعود للعصرين اليوناني والروماني، منها معبد أوزير، مقابر البلانتين، الجبانة الضخمة، وفنار أبو صير الذي يُشبه في تصميمه فنار الإسكندرية القديم.
منذ عام 1998، تعمل بعثة المعهد الفرنسي للآثار الشرقية على التنقيب والترميم في تابوزيريس ماجنا، وأسفرت أعمالهم عن العديد من الاكتشافات البارزة، منها:
اقرأ أيضا| كشف أثري جديد| لوحات حجرية تروي أمجاد الملكة حتشبسوت
1- الحمام البطلمي:
أحد أفضل الحمامات البطلمية حفظًا في مصر، يتميز بتصميم فريد يعكس مهارة العمارة في تلك الفترة.
2- مقابر البلانتين:
مجموعة من المقابر الفخمة التي تعود إلى العصر البطلمي، وتُبرز الطراز المعماري والتقاليد الجنائزية لتلك الحقبة.
3- منطقة الميناء التجاري والمنازل البيزنطية:
تشمل بقايا ميناء تجاري كان يُستخدم للنقل والتجارة، إلى جانب منازل وأسواق من العصر البيزنطي.
4- الكنيسة البيزنطية:
تُعد من أبرز المعالم المسيحية بالموقع، وتُظهر مراحل تحول المنطقة خلال العصور المختلفة.
◄ أهمية رأس التمثال المكتشف
يشير ضخامة حجم الرأس المكتشف إلى أنه كان جزءًا من تمثال كبير يعكس مكانة الشخص الممثل فيه، الدراسات الأولية تُظهر أن الرأس يعود إلى فترة ما قبل بناء المنزل الذي وُجد فيه بنحو 700 عام. يُواصل الفريق الأثري تحليل الرأس لمعرفة المزيد عن صاحبه والسياق الذي ارتبط به.
تُساهم هذه الاكتشافات في تعزيز فهمنا لتاريخ المنطقة وأهميتها كحلقة وصل بين العالمين اليوناني والروماني، يُعتبر موقع تابوزيريس ماجنا مركزًا للدراسات التاريخية التي تُبرز التحولات السياسية والثقافية والدينية التي شهدتها مصر خلال العصور المختلفة.
◄ التحديات وأهمية الترميم
تُركز البعثة الفرنسية على ترميم الآثار المكتشفة لضمان الحفاظ عليها للأجيال القادمة، يُعد الحمام البطلمي مثالًا بارزًا على جهود الترميم الناجحة، حيث يُعتبر نموذجًا فريدًا من نوعه.
إن اكتشاف رأس التمثال الرخامي في تابوزيريس ماجنا يُعد خطوة جديدة في رحلة استكشاف التاريخ المصري القديم، ويسلط الضوء على أهمية الموقع كمركز حضاري وسياسي وديني.
تُبرز هذه الاكتشافات الدور المحوري لتابوزيريس ماجنا في تشكيل الهوية الثقافية لمصر القديمة، وتدعو إلى مزيد من الجهود للحفاظ على هذا التراث الفريد وتعزيزه.