سواتر خرسانية حول الخيام، أو خنادق تحيطها، أو أسقف بلاستيكية، تلك هي وسائل نازحي غزة لوقاية خيامهم من الأمطار.
وفي ملعب اليرموك في مدينة غزة، وضع أيمن صيام كتلا خرسانية حول الخيمة التي لجأ إليها مع عائلته بسبب الحرب في القطاع، في محاولة لمنع تدفّق مياه الأمطار إلى داخلها.
ووجد مئات آلاف النازحين أنفسهم أمام تحدٍّ إضافي مع بدء فصل الشتاء، لاسيما الذين يعيشون منهم في خيم أو في العراء.
ولجأ صيام إلى ملعب اليرموك الرياضي في مدينة غزة بعد اندلاع الحرب التي أشعلها هجوم حركة حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وقال صيام لوكالة “فرانس برس”: “أحاول حماية خيمتي من مياه الأمطار لأننا نتوقع هطول أمطار غزيرة، فقبل ثلاثة أيام عندما هطلت الأمطار، غمرتنا المياه هنا”.
وتكتظ ساحة الملعب بالخيم الرثة، بينما أصبحت أرضية الملعب موحلة وتنتشر فيها البرك بعد أن غمرت الأمطار خيما وجرفت غيرها.
وتحاول عائلات أخرى لإيجاد طرق لمنع تدفق المياه الى داخل الخيم، فعمد البعض إلى تغطية سطح الخيمة بألواح بلاستيكية، وحفر آخرون خنادق صغيرة حول خيمتهم لتنزل فيها المياه، بينما عجز آخرون أمام التحديات المتلاحقة.
كارثة إنسانية
ونزح معظم سكان قطاع غزة البالغ عددهم 2,4 مليون نسمة خلال أكثر من عام من الحرب، مرة واحدة على الأقل وكثير منهم مرات عدة، وفقا للأمم المتحدة.
ويخشى النازحون فصل الشتاء القادم، فيما خيم العديد منهم متهالكة، وكثيرون لا يملكون ملابس تقيهم البرد مع انخفاض درجات الحرارة.
ويبدأ موسم الأمطار في قطاع غزة من أواخر أكتوبر/تشرين الأول، ويمتدّ حتى أبريل/نيسان، بينما يعتبر شهر يناير/كانون الثاني الأكثر برودة، ويتراوح معدّل هطول الأمطار خلاله بين 30 و 40 ملم، وتنخفض درجات الحرارة ليلا في فصل الشتاء إلى حوالى ست درجات مئوية.
وقال المكتب الإعلامي في حكومة حماس في غزة، في بيان صدر قبل أيام، إن “قرابة عشرة آلاف خيمة تلفت، إذ جرفتها مياه البحر بعد امتداد الأمواج بسبب دخول فصل الشتاء والمنخفض الجوي”.
وأضاف: “قطاع غزة مقبل على أزمة عميقة وكارثة إنسانية حقيقية، وبفعل دخول فصل الشتاء وظروف المناخ الصعبة، سوف يصبح مليونا إنسان بلا أي مأوى”، مشيرا إلى أن “81 % من خيم النازحين أصبحت غير صالحة للاستخدام، بعد تلف واهتراء 110 آلاف خيمة من أصل 135 ألفا، باتت بحاجة إلى تغيير واستبدال فوري وعاجل”.
تحذير من تفاقم المعاناة
وحذّرت منظمات الإغاثة الدولية من ازدياد معاناة النازحين مع اقتراب فصل الشتاء.
واعتبرت المتحدثة باسم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) لويز ووتريدج، أن الوضع “سيكون كارثيا”.
وقالت: “الناس ليس لديهم أي شيء يحتاجون إليه. لم تكن لديهم أشياء أساسية، لمدة 13 شهرا. لا طعام، لا ماء، ولا مأوى”.
وتابعت: “سيكون الأمر بائسا، وسيصبح أكثر بؤسا”.
لم يتبقّ شيء
وقال عوني السبع، وهو من نازحي غزة: “غمرت الأمطار ومياه البحر جميع الخيم. نحن عاجزون. أخذت المياه كل شيء من الخيمة، بما في ذلك الفرش والبطانيات (الأغطية) وإبريق ماء. لم نتمكن إلا من الحصول على مرتبة وبطانيات للأطفال”.
وتشكو أم أحمد صالحة (40 عاما)، التي نزحت من منزلها في مخيم الشاطئ للاجئين غرب مدينة غزة إلى خيمة في مدينة دير البلح في وسط القطاع، قائلة: “نحن في الشارع الآن، لم يتبق لدينا شيء”.
وقال الناطق باسم الدفاع المدني في قطاع غزة الثلاثاء إن “عشرات آلاف النازحين غالبيتهم من الأطفال والنساء وكبار السن وبينهم مرضى ومصابون خصوصا في مخيمات وسط قطاع غزة وفي المناطق الغربية في خان يونس ورفح في جنوب قطاع غزة، يعانون من غرق الخيام بسبب الأمطار”.
وحذّر بصل من “تفشّي الأمراض في ظل البرد” ، مطالبا المجتمع الدولي بالتدخّل العاجل لمساعدة النازحين ، وإدخال الخيم والمساعدات الغذائية والطبية.