رغم مرور عدة ايام علي نهاية الزيارة التي قام بها الملك حمد بن عيسى ملك البحرين إلي القاهرة واستقبال الرئيس عبدالفتاح السيسي له فهي مازالت تحتاج الي مزيد من الدراسة والوقوف عنها بمزيد من التحليل وقد تعددت الزيارات التي قام بها الملك حمد بن عيسي الي مصر والتي تمت بصورة منتظمة خاصة في السنوات الأخيرة منذ عام ٢٠١٤ للمشاركة في مناسبات مصرية مختلفة آخرها كانت في أكتوبر الماضي للمشاركة في القمة التي دعت لها مصر للنظر في وقف العدوان الإسرائيلي علي قطاع غزة ولكن القمة الأخيرة قد تكون الاهم بكل المقاييس في ظل السياق السياسي والأوضاع في المنطقة والتي تعيش حالة غير مسبوقة والتي بدأت مع العدوان الإسرائيلي الاخير علي قطاع غزة منذ اكتوبر الماضي والمخاوف من جر المنطقة إلي حرب اقليمية وقد دعي ذلك إلي زيادة حجم التواصل بين البلدين علي المستوي الاستراتيجي وهذا ماظهر من خلال الزيارة الاستثنائية للفريق الركن ناصر بن حمد آل خليفة مستشار الامن الوطني وأمين مجلس الدفاع الأعلي وقائد الحرس الملكي في الخامس من مارس الماضي ولقائه مع الرئيس عبدالفتاح السيسي مما يؤشر علي مستوي العلاقات ذات الطابع الاستراتيجي في البلدين وهو ما أكده يومها الرئيس السيسي ويضاف الي ذلك ايضا أن القمة تتوافق مع الاستعدادات التي تقوم بها مملكة البحرين لاستضافة اجتماعات مجلس جامعة الدول العربية علي مستوي القمة في دورتها الـ ٣٣ في ١٦ مايو القادم وهي الأولي في تاريخ البحرين والسعي إلي انجاحها ونتوقف عند الأبعاد الثلاثة لما جري في القمة .
البعد الأول :قد لانكشف سرا عندما نقول ان الاهتمام الاكبر في المباحثات كان بالتطورات الجارية في المنطقة حيث أشار الرئيس عبدالفتاح السيسي إلي ان الزيارة تأتي في اطار العلاقات الاخوية والمتميزة بين البلدين والشعبين وفي وقت بالغ الدقة وشديد الخطورة نتيجة الحرب الاسرائيلية الدموية علي قطاع غزة واستمرار السقوط المروع للآلاف من المدنيين الابرياء لاحول لهم ولا قوة الا انهم يتواجدون علي ارضهم ويتشبثون بوطنهم في ظل الاستخدام المفرط للقوة العسكرية في ترويع المدنيين وتجويعهم لإجبارهم علي النزوح الجماعي في ظل عجز دولي وغياب أي إرادة دولية علي انجاز العدالة أو إنفاذ القانون الدولي. علي نفس النهج جاء تأكيد ملك البحرين حمد بن عيسي الذي أعرب عن ارتياحه الكبير لما تناولته جلسة المباحثات المشتركة مع الرئيس السيسي حيث ناقشا عددا من القضايا ذات الأولوية والأهمية لتعزيز العمل العربي المشترك مع الرئيس السيسي وخاصة فيما يتعلق بضرورة تنفيذ قرارات وقف إطلاق النار في غزة وإيصال المساعدات الإنسانية والحاجة إلي مسار سياسي نحو سلام عادل ودائم في المنطقة علي اساس حل الدولتين وقبول فلسطين كعضو كامل العضوية في الامم المتحدة لينال الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة
ونستطيع ان نؤكد انه تم التوافق بين الزعيمين السيسي والملك حمد بن عيسي أن الامر يقتضي العمل علي أكثر من مستوي خاصة من خلال مهمتين يتم التركيز عليهما فى الاطار العربي المشترك
الأولي عاجلة :للتعامل مع هذا الوضع غير القابل للاستمرار ووضع حد له والأهم عدم تكراره من خلال توحيد الإرادة الدولية لإنفاذ وقف اطلاق النار ووقف كل محاولات التهجير القسري أو التجويع أو العقاب الجماعي للشعب الفلسطيني والنفاذ الكامل والمستدام للمساعدات الإنسانية
المستوي الثاني وهي مرحلة مابعد وقف العدوان من خلال الانخراط الجاد في السعي الجاد والفوري في مسارات التوصل الي حل سياسي عادل ومستدام للقضية الفلسطينية علي اساس حل الدولتين وإنفاذ دولة فلسطينية علي حدود الرابع من يونيو ١٩٦٧ عاصمتها القدس الشرقية والاعتراف الدولي بها وحصولها علي العضوية الكاملة للأمم المتحدة وبالتوازي مع ذلك توابع العدوان في ظل المخاوف من امتداد نيرانها إلي كل المنطقة وخلق وضع إقليمي بالغ الخطورة والتوتر مما يخلق حالة تهديد لأمن واستقرار دول وشعوب المنطقة حيث تم التوافق علي آليات التعامل معها والحفاظ علي أمن واستقرار المنطقة ضد مختلف المخاطر والمهددات وعدم ترك مصائرها لإرادة دعاة الحرب.
ونتوقف عند البعد الثنائي في الزيارة والخاصة بالتوافق علي تعزيز التعاون الاقتصادي حيث يصل حجم الاستثمارات البحرانية أكثر من ٣ مليارات دولار.
كما وصل حجم التبادل التجاري خلال الفترة من يناير إلي سبتمبر من العام الماضي إلي ٣٧٩ مليون دولار هناك تخطيط لرفعه إلي مليار دولار وذلك خلال الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء الدكتور مصطفي مدبولي إلي المنامة ولقائه مع الشيخ سلمان بن خليفة وزير المالية والاقتصاد في نوفمبر الماضي وأعقبها زيارة المهندس أحمد سمير وزير التجارة والصناعة المنامة في يناير الماضي ونستطيع ان نؤكد ان الاعداد لعقد الدورة القادمة للجنة العليا المشتركة بين البلدين وصلت الي مرحلة متقدمة وفي انتظار تحديد الموعد وفقا لاجندة كبار المسئولين في البلدين ويذكر ان البلدين جزء من تعاون متعدد الاطراف فهناك لجنة شراكة صناعية علي المستوي الوزاري كانت مقصورة علي مصر والإمارات والأردن وانضمت مملكة البحرين في مايو ٢٠٢٢
أما البعد الثالث : فمن المؤكد ان المباحثات بين الرئيس السيسي والعاهل البحريني قد استعرضت أيضا ملفات القمة العربية القادمة وتعول المنامة علي مشاركة الرئيس السيسي في أعمالها وضمان نجاحها بعد أن شارفت استعدادات المنامة علي الانتهاء من الاستعدادات للقمة وهو ما أشار إليه الملك حمد بن عيسي في كلمته أن مباحثاته مع الرئيس السيسي تضمنت أيضا جدول أعمال القمة الـ ٣٣ التي تستضيفها المنامة خلال الشهر القادم وضرورة التوصل بصورة عاجلة إلي سياسة واضحة لوقف التصعيد بمنطقة الشرق الأوسط وضمان السلام والأمن والاستقرار الاقليمي.
وعلي صعيد الاستعدادات للقمة فهناك زيارة وفد الجامعة العربية برئاسة السفير حسام زكي الأمين العام المساعد الي المنامة التي انتهت منذ ساعات واستمرت يومين حيث عقد سلسلة لقاءاته الموسعة مع اللجنة الوطنية التي تم تشكيلها منذ فترة للاعداد للقمة برئاسة وزير الداخلية الفريق أول الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة وتضم وزير الخارجية عبداللطيف الزياني وعدد من كبار المسئولين في وزارات عديدة
هي اذا قمة مهمة في ظرف تاريخي دقيق وسط تحديات تواجه المنطقة.