يُواصل الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب تشديد القيود على دخول الولايات المتحدة، مُستهدفًا مواطني عشرات الدول عبر إجراءات أكثر صرامة، ليعيد إلى الواجهة سياسات الهجرة الصارمة التي أثارت جدلًا واسعًا خلال ولايته الأولى.
وبينما تبرر إدارة ترامب القرار باعتبارات أمنية، يرى معارضون أنه قد يؤدي إلى تفاقم التوترات الدبلوماسية ويؤثر على ملايين المسافرين حول العالم، مما يثير تساؤلات حول المعايير التي تعتمدها الإدارة في تصنيف الدول ومن سيكون التالي على القائمة السوداء.
تصنيفات جديدة للدول.. الأحمر والبرتقالي والأصفر
بحسب مُذكرة داخلية حصلت عليها صحيفة «نيويورك تايمز» وراجعتها «رويترز»، تُخطط الإدارة الأمريكية لتقسيم الدول المشمولة بالحظر إلى ثلاث فئات: الأحمر، البرتقالي، والأصفر، وفقًا لمدى “التهديدات الأمنية” التي تراها واشنطن.
أولا، القائمة الحمراء، وتضم 11 دولة، سيُمنع مواطنوها تمامًا من دخول الولايات المتحدة، تشمل القائمة أفغانستان، وبوتان، وكوبا، وإيران، وليبيا، وكوريا الشمالية، والصومال، والسودان، وسوريا، وفنزويلا، واليمن، ولا تزال القائمة تخضع لمراجعة وزارة الخارجية الأمريكية، بحسب مجلة «تايم» الأمريكية.
ثانيًا، القائمة البرتقالية، وتشمل دولًا مثل هايتي، وروسيا، وباكستان، حيث سيواجه المسافرون منها تدقيقًا مشددًا، بما في ذلك مقابلات إلزامية للحصول على التأشيرة، وفقًا لتقرير الصحيفة الأمريكية ذاتها.
أما القائمة الصفراء، فهي تضم دولًا مثل كمبوديا، وزيمبابوي، وجمهورية الكونغو، والتي أمامها نحو 60 يومًا للاستجابة لمخاوف الإدارة الأمريكية، وإلا سيتم تصعيدها إلى الفئات الأخرى.
حتى الآن، لم يُصدر البيت الأبيض أي تعليق رسمي على الوثيقة المسربة، رغم محاولات وسائل الإعلام، ومنها مجلة «تايم»، الحصول على رد رسمي.
خلفية قرار ترامب
يأتي هذا التوجه بعد أن أُثيرت قضية الحظر مجددًا خلال مؤتمر صحفي للرئيس الأمريكي، دونالد ترامب في 12 مارس/آذار، حيث تهرّب من الرد المباشر على سؤال حول الدول المستهدفة قائلاً: “ألن يكون هذا كلامًا غبيًا؟”، في إشارة إلى عدم رغبته في الكشف عن التفاصيل قبل اتخاذ القرار الرسمي.
لكن من الواضح أن هذه السياسة ليست وليدة اللحظة، إذ تعود جذورها إلى أول ولاية لترامب.
ففي يناير 2017، وبعد أسبوع واحد فقط من توليه المنصب، وقع ترامب الأمر التنفيذي رقم 13769، تحت عنوان “حماية الأمة من دخول الإرهابيين الأجانب”، وأدى إلى فوضى في المطارات واحتجاجات واسعة في أنحاء البلاد، قبل أن تُوقفه المحاكم بشكل مؤقت.
في النهاية، نجح ترامب في تمرير نسخة معدلة من القرار، صادقت عليها المحكمة العليا عام 2018، مما سمح باستمرار قيود السفر على إيران، وليبيا، وكوريا الشمالية، والصومال، وسوريا، وفنزويلا، واليمن، وبعد مغادرة ترامب للبيت الأبيض، ألغى الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن القرار فور توليه المنصب في 2021، معتبرًا إياه “وصمة عار” تتناقض مع قيم أمريكا.
خلال حملته الانتخابية لعام 2024، كرر ترامب تعهده بإعادة فرض حظر السفر إلى أمريكا الذي أقره في 2017.
وفي يوليو/تموز، وأثناء تجمع انتخابي في سانت كلاود بولاية مينيسوتا، أكد ترامب لأنصاره أنه سيعيد تطبيق حظر السفر إلى أمريكا، ويعلق استقبال اللاجئين، ويوقف عمليات إعادة التوطين، وسيمنع دخول “الإرهابيين” على حد قوله، إلى الولايات المتحدة، مشددًا على أنه سيفعل ذلك “من اليوم الأول” لرئاسته.
وفي تجمع آخر في واشنطن، شدد ترامب على عزمه منع القادمين من المناطق التي وصفها بأنها “موبوءة بالإرهاب”، مؤكدًا أنه سيغلق الحدود.
وفي سبتمبر/أيلول 2024، خلال فعالية انتخابية، ذكر ترامب الحضور بسياساته السابقة قائلًا: “هل تذكرون حظر السفر إلى أمريكا؟ لقد منعنا دخول أشخاص من دول معينة. سنعيد ذلك مجددًا، لن نستقبل أي قادمين من دول موبوءة”، بحسب مجلة «تايم» الأمريكية.
مُهلة الـ 60 يوم.. أمر ترامب التنفيذي لمراجعة الدول
لم يُنفذ ترامب وعده بإعادة فرض حظر السفر منذ “اليوم الأول”، لكنه سرعان ما وقع، مع بداية ولايته الثانية، أمرًا تنفيذيًا بعنوان “حماية الولايات المتحدة من الإرهابيين الأجانب وغيرهم من التهديدات للأمن القومي والسلامة العامة”.
بموجب هذا القرار، طلب من وزير الخارجية الأمريكية، والمدعي العام، ووزير الأمن الداخلي، ومدير الاستخبارات الوطنية بإدارته، إعداد تقرير شامل حول الدول التي تعاني من ضعف في إجراءات التدقيق الأمني، وقد يستدعي ذلك تعليقًا جزئيًا أو كليًا لقبول مواطنيها في الولايات المتحدة، حُددت مهلة 60 يومًا لتقديم التقرير.
وفي حال التزم المسؤولون بالجدول الزمني، فمن المفترض أن يكون دونالد ترامب قد تسلم التقرير بحلول الأسبوع المقبل، إن لم يكن قد حصل عليه بالفعل.
كما نص الأمر التنفيذي على مراجعة أعداد الأشخاص الذين دخلوا الولايات المتحدة من تلك الدول منذ تولي بايدن الرئاسة.
ويعد هذا القرار جزءًا من سلسلة أوامر تنفيذية وقعها ترامب مؤخرًا، تهدف إلى تشديد سياسات الهجرة والزيارة وإحداث تغييرات جوهرية في القوانين المتعلقة بدخول الأجانب إلى الولايات المتحدة.