مع توثيق التعاون بين كوريا الشمالية وروسيا في الآونة الأخيرة، بدأت بعض الدول تنظر إلى ذلك التحالف، باعتباره «تهديدًا فوريًا» لمصالحها.
وفي 25 أكتوبر/تشرين الأول، كشف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أنه بموجب معاهدة الشراكة الاستراتيجية الشاملة الموقعة مع كوريا الشمالية في يونيو/حزيران الماضي، تجرى مناقشات حول إمكانية أن تساعد بيونغ يانغ موسكو بشكل أكبر وإلى أي مدى.
وتعليقا على ذلك، قالت وزارة الخارجية الكورية الشمالية إنه إذا نشرت بيونغ يانغ قوات في روسيا فإن ذلك سيتوافق مع «المعايير القانونية الدولية»
ومنذ بداية حرب أوكرانيا، كانت كوريا الشمالية واحدة من أشد مؤيدي روسيا، لذا فإن هذا التقارب بين البلدين ليس مفاجئًا، لكنه أيضًا مقلق للغاية، وفقا لما ذكره تحليل نشره موقع «ناشيونال إنترست» الأمريكي.
في الوقت نفسه، كانت استجابة كوريا الجنوبية لهذا التقارب استباقية بشكل غير عادي؛ ففي 22 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أعلن نائب مستشار الأمن القومي كيم تاي هيو أن سول ستتخذ “تدابير استجابة تدريجية” ردًا على هذا التعاون العسكري المتعمق بين بيونغ يانغ وموسكو.
وحتى الآن لا تزال التفاصيل غير معلنة، لكن يبدو أن حكومة الرئيس يون سوك يول المحافظة في كوريا الجنوبية مستعدة لتوسيع دعمها لأوكرانيا، وربما حتى النظر في المساعدات العسكرية.
ومع ذلك، فإن أي فكرة عن نهاية سريعة لحرب أوكرانيا غير واقعية، فمن غير المرجح أن يتوصل الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى حل قبل انتهاء ولايته، كما تواصل روسيا شن ضربات صاروخية وهجمات بالمسيرات على البنية التحتية الأوكرانية، مما يزيد من زعزعة استقرار المنطقة.
وعندما يعود الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في يناير/كانون الثاني 2025، قد تواجه أوكرانيا مستقبلًا أكثر غموضًا بعدما تعهد بإنهاء الحرب في 24 ساعة وهو ما يفترض كثيرون أنه يعني وقف المساعدات الأمريكية لكييف وقد يؤدي نهجه غير المتوقع وعلاقته الواضحة مع بوتين إلى اتفاق سلام لصالح روسيا.
وفي الوقت نفسه، هناك علامات مبكرة على أن الدول الغربية، بما في ذلك الولايات المتحدة، تستكشف المزيد من الإجراءات المباشرة ضد روسيا وهو ما يشير إلى انهيار النظام الأحادي القطب الذي تقوده الولايات المتحدة منذ نهاية الحرب الباردة، وظهور عالم متعدد الأقطاب يتميز بعدم الاستقرار المتزايد.
وفي هذا المشهد المتغير وغير المؤكد، فإن كوريا الجنوبية ليس لديها الكثير لتكسبه لكن لديها الكثير لتخسره إذا اتخذت إجراءات متسرعة تضر بمصالحها الوطنية.
سياسة غير حكيمة
وبحسب الموقع الأمريكي، فإن تحطيم أكثر من 3 عقود من العلاقات الدبلوماسية مع روسيا لدعم أوكرانيا هو «مقامرة غير حكيمة»، وينبغي على السياسة الخارجية لكوريا الجنوبية أن تستند إلى أسس استراتيجية، خاصة وأن كوريا الشمالية دولة مسلحة نوويا ولديها قوات تقليدية كبيرة.
لكن سول تكتفي حاليا بالاستجابات الانفعالية للضغوط العالمية المتغيرة، بدلا من الحسابات، وبالتالي فإن لجوء كوريا الجنوبية إلى ردود فعل قصيرة الأجل يمثل خطرا حقيقيا.
وبدلا من ذلك، يتعين على كوريا الجنوبية أن تعطي الأولوية لخفض التصعيد وإدارة التوترات مع جارتها الشمالية بحذر، وعلى صناع القرار في سول ومعظمهم من الصقور المتشددين نسبيا أن يلتزموا بالحذر، لأن الخطوات الخاطئة قد تزعزع استقرار الوضع الهش بالفعل.
ومن المرجح أن تنظر كوريا الشمالية إلى هذا الصراع باعتباره فرصة لتعزيز قدراتها العسكرية وخداع هيئات المراقبة الدولية مثل الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وفي ظل تحالفها المتنامي مع موسكو قد تكون بيونغ يانغ على استعداد لتلقي التكنولوجيا العسكرية المتقدمة، بما في ذلك تكنولوجيا الصواريخ الباليستية العابرة للقارات وقدرات الاستطلاع عبر الأقمار الصناعية.
وقد تعزز هذه التطورات بشكل كبير البرنامج النووي لكوريا الشمالية وإذا تحول التعاون بينها وبين روسيا إلى تحالف عسكري كامل على غرار معاهدة الدفاع المشترك بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، فقد يؤدي ذلك إلى زعزعة استقرار المنطقة بشكل خطير.
تهديد فوري
وفي ظل مجموعة من الحقائق مثل نهاية القطب الواحد، وتصلب الكتل الجيوسياسية، والتقدم النووي المستمر لكوريا الشمالية فإن التحالف المتنامي بين بيونغ يانغ وموسكو يمثل تهديداً خطيراً وفورياً.
وليست مصادفة أن يحول كيم جونغ أون بوصلته تجاه بوتين بدلا من الرئيس الصيني شي جينبينغ لكن ذلك لا يعني أن كوريا الشمالية ستعتمد بالكامل على روسيا بدلا من الصين.
ويبدو أن اختيار كيم لروسيا يهدف إلى تعزيز القدرات النووية حيث أصبحت المعادلة النووية الكورية الشمالية أكثر تعقيدا، مما يجعل فك تشابكها أكثر صعوبة كما أصبح دور مجلس الأمن غير فعال.