بعد قرابة 468 يوما من العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة أعلن الوسطاء (مصر، قطر، الولايات المتحدة) التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة لينهي مجزرة إسرائيلية متواصلة بحق الفلسطينيين منذ السابع من أكتوبر 2023، واضطر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لقبول الصفقة قبيل أيام من تنصيب الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب رسميا رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية خلفا لجو بايدن الذي فشل في وقف إطلاق النار طوال 15 شهرا الأخيرة.
نتنياهو الذي ارتكب مذبحة بحق الفلسطينيين تعتبر بمثابة هولوكوست العصر مستخدما مختلف أنواع الأسلحة المحرمة دوليا لقصف الأطفاء والنساء والمدنيين العزل في القطاع لم يحقق أي شئء من أهدافه سوى ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين، فالمكاسب في الحرب تُقاس بمعيار تحقيق الأهداف، وها هو لم يحقق أي من أهدافه المعلنة والتي تمثلت في القضاء على حركة حماس وتدميرها كليا؛ وهو ما لم يتحقق حتى الآن بل اضطر للرضوخ لمطالب الحركة وقوائم الأسرى التي قدمتها ومنها قدامى المؤبدات من مختلف الفصائل الفلسطينية، وحتى كتابة هذه السطور لا تزال تنفذ المقاومة عمليات عسكرية نوعية ضد جيش الاحتلال في مختلف أنحاء الأراضي الفلسطينية المحتلة.
أما الهدف الثاني الذي وضعه نتنياهو لحربه فكان تحرير الآسرى دون مقابل وبالعمليات العسكرية؛ وها هو قد فشل في ذلك أيضا فلم ينجح في تحرير أي أسير سوى بضع أشخاص تسبب جيشه في قتلهم بيده، وأدرك أنه لا مفر من التفاهم مع حركة حماس لإنقاذ من بقى حيا منهم.
أما هدفه بالقضاء على البنية التحتية لحماس عبر تفكيك الأنفاق في غزة، أيضا لم يحقق ذلك الهدف إذ حول القطاع لكتلة من المباني المتهدمة أسفلها أنفاق لازالت تعمل ويتواجد بها عناصر المقاومة ومعهم أسراه منذ 15 شهرا وكلما أراد دخول نفق في غزة تحول النفق إلى مقبرة لجنوده عبر تفخيخه من عناصر المقاومة.
طوال 15 شهرا لم يحقق نتنياهو شيئا سوى أنه زاد من شعبية حركة حماس ومعها الفاصائل الفلسطينية المتحالفة معها، وزاد ارتباطها بالنسيج الفلسطيني في الوقت الراهن بنجاحها في إتمام صفقة تبادل للأسرى والمعتقلين خاصة النساء والأطفال منهم، كما زادت شعبيتها في العالم العربي والإسلامي باعتبارها رمزا للصمود والنضال من أجل تحرير الأرض والقدرة على تحدي إسرائيل عسكريا.
زاد نتنياهو الطين بلة بارتكاب جرائم إبادة جماعية وضعته على قوائم المطلوبين من مجرمي الحروب هو ووزير دفاعه السابق “جالانت” ويخشى القبض عليه حال سفره للخارج وتسليمه للمحكمة الجنائية الدولية، وأهدر مليارات الدولارات في حرب خاسرة طالت تداعياتها الاقتصادية بلاده، إضافة إلى الهجرة العكسية من مواطني إسرائيل.
حرب نتيناهو على غزة أعادت إحياء القضية الفلسطينية وخسرت تل أبيب سمعتها الدولية وما أنفقته من مليارات على الدعاية الكاذبة بأنها “الديمقراطية الوحيدة في الشرق” و”الجيش الأخلاقي” ليسقط القناع عن جيش الاحتلال الذي استهدف مرات عديدة البطون الخاوية وقتل وأصاب أكثر من 150 ألف فلسطيني.