ترك وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في لبنان، الأربعاء، الحرب في غزة أمام سيناريوهبن محتملين؛ التصعيد أو بداية الحل.
وأدى تصعيد القتال بين إسرائيل وحزب الله خلال الشهرين الماضيين إلى لفت الأنظار عن الأوضاع في قطاع غزة رغم استمرار الحرب ومعاناة السكان فيه.
غير أن ترسيخ وقف إطلاق النار في لبنان من شأنه أن يعيد الاهتمام الدولي إلى تطورات الحرب في غزة بما قد يؤدي إلى إنهائها.
وليست هناك توقعات بنجاح إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن في وقف الحرب على غزة، بل توجه الأنظار إلى الرئيس المنتخب دونالد ترامب الذي يتسلم مهامه رسميا في 20 يناير/كانون الثاني المقبل.
وكان اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان دخل حيز التنفيذ فجر الأربعاء، بعد وساطة أمريكية وفرنسية حثيثة ولكن دون أي افق لإنهاء الحرب في غزة.
واعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن واحدة من أهم 3 أسباب لقبول وقف إطلاق النار في لبنان هو «فصل الساحات وعزل حماس».
وتابع «منذ ثاني أيام الحرب، راهنت حماس على حزب الله ليخوض القتال إلى جانبها. وعندما يكون حزب الله خارج الصورة، وتبقى حماس لوحدها في المعركة، سيتزايد ضغطنا مما سيساعد على إنجاز المهمة المقدسة المتمثلة في تحرير مخطوفينا».
ومضى قائلا: «سنكمل القضاء على حماس، وسنعيد جميع مخطوفينا، وسنضمن أن غزة لن تعود تشكل تهديدًا لإسرائيل، وسنعيد سكان المنطقة الشمالية إلى ديارهم بأمان».
كما أن الرئيس الأمريكي جو بايدن لم يبشّر في كلمته مساء الثلاثاء، بإنهاء الحرب على غزة مكتفيا بالحديث عن جهود الوساطة.
وقال في خطابه: «كما يستحق الشعب اللبناني مستقبلاً من الأمن والرخاء، فإن شعب غزة يستحق أيضاً نهاية للقتال والتشريد».
وتابع «لقد عاش شعب غزة جحيماً. لقد تحطمت كلمتهم وعالمهم تماماً. لقد عانى الكثير من المدنيين في غزة كثيراً، ورفضت حماس، لشهور وشهور، التفاوض على وقف إطلاق النار بحسن نية وصفقة للرهائن».
قبل أن يضيف «وهكذا، فإن حماس الآن أمام خيار يتعين عليها أن تتخذه. إن طريقها الوحيد للخروج من هذا المأزق هو إطلاق سراح الرهائن، بما في ذلك المواطنين الأمريكيين الذين تحتجزهم، ووضع حد للقتال، الأمر الذي من شأنه أن يجعل من الممكن تدفق المساعدات الإنسانية».
موضحا «وخلال الأيام المقبلة، سوف تبذل الولايات المتحدة جهوداً أخرى مع تركيا ومصر وقطر وإسرائيل وغيرها من الدول لتحقيق وقف إطلاق النار في غزة مع إطلاق سراح الرهائن وإنهاء الحرب دون وجود حماس في السلطة ـ وهو ما يصبح ممكناً».
مجمل هذه التطورات تترك الحرب على غزة أمام سيناريوهين:
السيناريو الأول
أدت عدة تطورات بما فيها الانتخابات الرئاسية الأمريكية والعملية البرية الإسرائيلية في جنوب لبنان إلى لفت الأنظار عن التطورات في غزة.
إذ احتلت العملية البرية الإسرائيلية في جنوب لبنان التي بدأت مطلع أكتوبر/تشرين الأول الماضي، الأولوية لدى المجتمع الدولي بما وضع جانبا الحرب على غزة رغم استمرارها وبعنف.
وقد يكون من شأن وقف الحرب بين إسرائيل وحزب الله إعادة الاهتمام الدولي بغزة والضغط للتوصل إلى اتفاق على غرار ما جرى في لبنان.
وثمة رأي دولي بأنه لم يعد هناك مبرر لاستمرار الحرب في غزة بعد القضاء على قادة “حماس” والجزء الأكبر من القدرات العسكرية للحركة فضلا عن تدمير مقارها.
وينظر إلى الوضع الإنساني المأساوي في غزة، لا سيما مع حلول الشتاء، بأنه يستدعي تدخلا عاجلا لوقف الحرب.
السيناريو الثاني
الحرب في غزة مثل الحرب في لبنان والدليل على ذلك التصويت السلس في المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر “الكابينت” لاتفاق وقف إطلاق النار في لبنان.
وقد تمت المصادقة على الاتفاق بأغلبية 10 وزراء مقابل معارضة وزير واحد وهو وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير.
غير أن بن غفير وكذلك وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، الذي أيّد الاتفاق، يعارضان وقف إطلاق النار في غزة ويهددان بإسقاط الحكومة في حال قبول أي اتفاق هناك.
وأهدافهما من الحرب تتعدى القضاء على قدرات “حماس” إلى ما هو أوسع وهو ما عبر عنه سموتريتش قبل أيام بحديثه عن إعادة احتلال غزة والاستيطان فيها وخفض عدد سكانها إلى النصف خلال العامين القادمين من خلال “الهجرة الطوعية”.
ولا تجد إسرائيل ضغطا أمريكيا حقيقيا لوقف الحرب بعد أن استخدمت واشنطن قبل أيام حق النقض “الفيتو” في مجلس الأمن ضد مشروع قرار يدعو لوقف فوري لإطلاق النار في غزة، وفق تقارير إسرائيلية.
وبالخلاص من جبهة لبنان، فإن الجيش الإسرائيلي قد يصعد من عملياته في غزة وبخاصة شمالي القطاع.
ويقول محللون إسرائيليون إنه طالما بقي نتنياهو تحت تهديد بن غفير وسموتريتش فإن الحرب مرجحة للاستمرار إلى ما لا نهاية حتى سقوط الحكومة الحالية.