في تطور مفاجئ يعكس تحولات كبرى في المشهد السياسي العالمي، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن أول محادثة رسمية له مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في خطوة تفتح الباب أمام احتمالات جديدة لإنهاء الصراع المستمر في أوكرانيا.
هذه المحادثة، التي تأتي بعد سنوات من القطيعة الدبلوماسية بين الزعيمين، أعادت تسليط الضوء على توازن القوى في الساحة الدولية، وسط ترقب عالمي لنتائجها وتداعياتها.
ترامب يعلن عن محادثته مع بوتين
وفيما يتجاهل ترامب سياسة العزلة التي انتهجها سلفه جو بايدن تجاه موسكو، تبدو ملامح إستراتيجية جديدة تتشكل، تستند إلى إعادة بناء قنوات الحوار بين الولايات المتحدة وروسيا، في محاولة لإنهاء الحرب الأوكرانية التي أرهقت العالم.
في منشور على شبكته الاجتماعية “Truth Social”، كشف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مساء الأربعاء، عن تفاصيل المحادثة التي جمعته بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مؤكدًا أنهما ناقشا عدة ملفات، من بينها الحرب في أوكرانيا، ومستقبل العلاقات الثنائية، والطاقة، والذكاء الاصطناعي، وقوة الدولار.
وأشار ترامب إلى أن المحادثة ركزت بشكل رئيسي على ضرورة وقف نزيف الدم في أوكرانيا، مؤكدًا أنه توصل مع بوتين إلى تفاهمات أولية قد تؤدي إلى إنهاء الصراع، وأوضح أن الجانبين اتفقا على بدء مفاوضات فورية، مشددًا على أن الرئيس الروسي أبدى استعدادًا للتعاون في هذا الإطار.
وقال ترامب: “لقد فكرنا في التاريخ العظيم لبلدينا، وفي حقيقة أننا قاتلنا معًا خلال الحرب العالمية الثانية، وناقشنا إمكانية العمل المشترك لتحقيق الاستقرار العالمي”، كما أشار إلى أن بوتين استخدم شعار حملته الانتخابية “H-I-G-E-N”، ما يعكس، برأيه، مدى التقارب في الرؤى بينهما.
اتفاق على بدء المفاوضات
لم تقتصر محادثة ترامب وبوتين على الإطار النظري، بل امتدت إلى خطوات عملية، حيث أكد الرئيس الأمريكي أنه سيتواصل مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لإطلاعه على فحوى النقاشات.
وأعلن عن تشكيل فريق مفاوضات أمريكي، يضم وزير الخارجية ماركو روبيو، ومدير وكالة المخابرات المركزية جون راتكليف، ومستشار الأمن القومي مايك والز، والمبعوث الخاص ستيف ويتكوف، في محاولة لضمان تحقيق نتائج ملموسة.
وبعد ساعات من حديثه مع بوتين، أكد ترامب أنه تواصل مع زيلينسكي، مشيرًا إلى أن المحادثة كانت “إيجابية وبنّاءة”، وأن الرئيس الأوكراني أبدى استعدادًا للنقاش حول سبل إنهاء الحرب، وأضاف: “لقد حان الوقت لوضع حد لهذه الحرب السخيفة، التي أدت إلى دمار هائل وقتل غير ضروري”.
بادرة حسن نية روسية
تزامنت محادثة ترامب مع بوتين مع خطوة لافتة من الجانب الروسي، حيث أفرجت موسكو بشكل مفاجئ عن السجين الأمريكي مارك فوجل، الذي عاد إلى الولايات المتحدة برفقة المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف. ويُنظر إلى هذه الخطوة على أنها مؤشر على استعداد روسيا لفتح صفحة جديدة في العلاقات مع واشنطن.
وكان فوجل، وهو مدرس تاريخ يبلغ من العمر 63 عامًا، قد اعتُقل في روسيا عام 2021 بتهمة حيازة الماريجوانا الطبية، وصدر بحقه حكم بالسجن 14 عامًا.
وعلى الرغم من أن إدارة بايدن لم تصنفه ضمن السجناء المحتجزين ظلماً، إلا أن إدارة ترامب تمكنت من تأمين إطلاق سراحه في صفقة تبادل مع المواطن الروسي ألكسندر فينيك، المتهم بغسل الأموال عبر العملات الرقمية.
مستقبل أوكرانيا
رغم تأكيد ترامب على ضرورة إنهاء الحرب، إلا أن مواقفه وتصريحات إدارته تشير إلى احتمال فرض شروط صعبة على أوكرانيا في أي تسوية مستقبلية. فقد أشار وزير الدفاع الأمريكي بيت هاسيث إلى أن فكرة انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي “غير واقعية”، في إشارة واضحة إلى أن واشنطن قد تتراجع عن دعم هذا الطموح الأوكراني.
وأضاف هاسيث أن أي تصور لاستعادة كييف لجميع الأراضي التي فقدتها منذ عام 2014 هو “وهم”، ما يوحي بأن إدارة ترامب قد تدفع أوكرانيا إلى تقديم تنازلات إقليمية لصالح روسيا، كجزء من اتفاق السلام المحتمل.