ساعات قليلة وينتهي تمديد اتفاق وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل، والمقرر نهايته في 18 فبراير الجاري، وتكشف الساعات القليلة القادمة عن أزمة عميقة بين لبنان وإسرائيل ربما تقود إلى تجدد الحرب مرة آخرى بين حزب الله وتل أبيب مع تمسك الأخيرة بعدم الانسحاب من 5 نقاط حدودية في لبنان بذريعة أمنية.
بحسب “روسيا اليوم” أبلغ الجيش الإسرائيلي لجنة الإشراف على تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار بقراره الاستمرار في الاحتفاظ بخمسة مواقع استراتيجية على طول الحدود مع لبنان تشرف على المستوطنات الإسرائيلية.
وتعتبر هذه المواقع ذات أهمية بالغة كونها تشرف على المستوطنات الإسرائيلية القريبة من المنطقة الحدودية.
والمواقع الخمسة التي قرر الجيش البقاء فيها هي: اللبونة في منطقة الناقورة (القطاع الغربي) وجل الدير (القطاع الأوسط) وتلة الحمامص (القطاع الشرقي) وجبل بلاط (القطاع الغربي) والأطراف بين مركبا ووادي هونين (القطاع الشرقي).
ويأتي هذا القرار في ظل التوترات المستمرة على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، حيث تسعى إسرائيل إلى تعزيز وجودها العسكري في النقاط التي تعتبرها حساسة واستراتيجية لأمنها القومي.
وأفادت “روسيا اليوم” بأن لجنة مراقبة تطبيق وقف إطلاق النار تبلغت بأن الجيش الإسرائيلي يطلب البقاء في بعض النقاط في جنوب لبنان حتى 28 فبراير وقد رفض الجانب اللبناني ذلك بشكل قاطع.
ومنذ 27 نوفمبر 2024 يسود وقف لإطلاق النار أنهى قصفا متبادلا بين الجيش الإسرائيلي و”حزب الله” بدأ في 8 أكتوبر 2023، وتحول إلى حرب إسرائيلية واسعة على لبنان في 23 سبتمبر الماضي.
وبزعم التصدي لتهديدات “حزب الله”، ارتكب الجيش الإسرائيلي مئات الخروقات لاتفاق وقف إطلاق النار، ما أسفر عن 73 قتيلا و265 جريحا.
وتضمن الاتفاق مهلة 60 يوما، تنسحب خلالها إسرائيل من البلدات التي احتلتها في جنوب لبنان خلال الحرب.
لكن تل أبيب أخلت بالاتفاق، وامتنعت عن تنفيذ الانسحاب الكامل خلال المهلة التي انتهت في 26 يناير الماضي، قبل أن تعلن الولايات المتحدة عن اتفاق إسرائيلي لبناني على تمديدها حتى 18 فبراير الجاري.
لبنان يرفض بشكل قاطع بقاء الجيش الإسرائيلي
من جانبه قال رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، إنه أبلغ مسؤولين أمريكيين برفض لبنان «المطلق» بقاء إسرائيل في خمس نقاط بجنوب البلاد، بعد 18 فبراير (شباط) الحالي.
ونقلت الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام عن بري قوله، للصحفيين، إن «الأمريكيين أبلغوني بأن الاحتلال الإسرائيلي سينسحب في 18 فبراير من القرى التي ما زال يحتلها، لكنه سيبقى في 5 نقاط، وأبلغتهم، باسمي وباسم رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون، ورئيس الحكومة القاضي نواف سلام، رفضنا المطلق لذلك».
وأضاف: «رفضتُ الحديث عن أي مهلة لتمديد فترة الانسحاب، ومسؤولية الأمريكيين أن يفرضوا الانسحاب، وإلا يكونوا قد تسببوا بأكبر نكسة للحكومة».
وتابع قائلاً إن «(حزب الله) يلتزم بشكل كامل»، لكن إذا لم تنسحب إسرائيل فمعنى هذا أنها لديها حرية الحركة والعدوان في لبنان، وهذا أمر مرفوض.
وأكد وزير الدفاع اللبناني الجديد ميشال منسي، رفض بلاده طلب إسرائيل تمديد احتلال بعض المواقع في جنوب البلاد حتى نهاية فبراير.
وينص اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان، الذي جرى التوصل إليه في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، على انسحاب الجيش الإسرائيلي من جنوب لبنان، وإبعاد «حزب الله» عن المنطقة، مع انتشار الجيش اللبناني خلال 60 يوماً. وجرى تمديد الاتفاق حتى 18 فبراير.
جيش الاحتلال الإسرائيلي يدرس الانسحاب
ذكرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” أن تقييما أمنيا للمؤسسة العسكرية في إسرائيل يشير إلى أن القوات الإسرائيلية ستكمل انسحابها من لبنان خلال أيام مع انتشار الجيش اللبناني تحت إشراف أمريكي.
ويأتي هذا التقييم في وقت ينتهي فيه تمديد وقف إطلاق النار بين “حزب الله” وإسرائيل يوم بعد غد الثلاثاء.
وأشارت الصحيفة إلى أن اجتماعا حاسما عقد بحضور ضباط أمريكيين وقادة قوات “اليونيفيل”، تم خلاله الاتفاق على انسحاب الجيش الإسرائيلي من القرى اللبنانية الواقعة على طول الحدود، في خطوة تهدف إلى تهدئة التوتر في المنطقة.
ورغم التقدم في الانسحاب، تصر إسرائيل على الاحتفاظ بالسيطرة العسكرية على خمس نقاط استراتيجية على الجانب اللبناني من الحدود ومن المتوقع أن يجري الطرفان مفاوضات نهائية حول هذه النقاط في الأيام المقبلة، وسط احتمالات تمديد إضافي لوقف إطلاق النار، وفقا لمصادر أمنية إسرائيلية.
وكان الجيش الإسرائيلي قد بدأ بالفعل انسحابا تدريجيا من معظم الأراضي التي سيطر عليها في جنوب لبنان خلال الأسابيع الأخيرة، وذلك بالتزامن مع إعادة انتشار الجيش اللبناني في المنطقة.
وتأتي هذه الخطوات في إطار خطة إسرائيلية على المستويين السياسي والعسكري، تهدف إلى إعادة المستوطنين الذين تم إجلاؤهم من مناطق الجليل في غضون الأسبوعين المقبلين.
غموض الموقف الأمريكي
وفقًا لصحيفة “تايمز أوف إسرائيل”، أبلغت واشنطن إسرائيل رسميًا برفضها تمديد التواجد العسكري في لبنان بعد الموعد النهائي المحدد في 18 فبراير. لكن مصادر أخرى أشارت إلى أن واشنطن لم تمارس أي ضغوط جدية على تل أبيب للالتزام بالانسحاب، ما يفتح المجال أمام تكهنات بأن الولايات المتحدة قد تغض الطرف عن التمديد الإسرائيلي إذا لم يثر أزمة دبلوماسية كبرى.
سيناريوهات المرحلة المقبلة
بحسب “سكاي نيوز” فإن مع استمرار إسرائيل في تعزيز وجودها العسكري جنوب لبنان، تبرز عدة سيناريوهات محتملة للمشهد القادم:
الانسحاب الجزئي المشروط: قد توافق إسرائيل على الانسحاب التدريجي من بعض المواقع، مع الاحتفاظ بنقاط استراتيجية تحت ذرائع أمنية.
تمديد البقاء إلى ما بعد فبراير: بحجة عدم استقرار الوضع الأمني، وقد تبقي إسرائيل قواتها في جنوب لبنان، خاصة إذا لم تواجه ضغوطًا دولية كبيرة.
تصعيد عسكري محدود: في حال ازدياد الضغوط السياسية، قد تسعى إسرائيل لافتعال اشتباك محدود مع حزب الله لتبرير استمرار وجودها العسكري.
في ظل هذه التعقيدات، تبقى الأنظار متجهة نحو الموقف الأمريكي الحقيقي من هذا الملف، وكذلك إلى مدى قدرة الدبلوماسية اللبنانية على فرض واقع جديد يجبر إسرائيل على الالتزام بالانسحاب دون تأخير.
الساعات القادمة وحدها ستكشف حقيقة النوايا الإسرائيلية ومدى صلابة الموقف اللبناني والدولي في مواجهتها.