بقلم: د. طراد الرويس

شهدت منطقتنا العربية خلال السنوات الماضية الأخيرة أحداث متلاحقة أدت إلى تغييرات كان لابد من التعامل معها لمواكبتها، أما في وقتنا الراهن يواجه مجتمعنا العربي مجموعة من التحديات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية التي تهدد أمنه واستقراره، وتزعزع قيّم المواطنة والولاء والانتماء للوطن، والتي تقف أمام تحقيق اندماجنا الاجتماعي، وتعمل على خلق تصدعاً في تركيبة مجتمعنا العربي، وعلى شرخ روابط وحدتنا الوطنية، وكل ذلك تسبب في انتشار عدة ظواهر غير مألوفة،
كالاضطرابات، وتعطيل المصالح، وضعف الإنتاجية، وتجاهل كثير من القيّم المتوارثة في مجتمعنا العربي التي تدعو إلى تقديم المصالح العامة على المصالح الفردية، ومن أهم تلك الظواهر ظاهرة العولمة وتأثيرها على كافة المجالات، واقتباس نماذج وسلوكيات أجنبية دخيلة اجتماعياً وثقافياً ودينياً بل وتاريخياً.
إن وحدتنا الوطنية العربية التي نتطلع إليها هي وحدة وطنية واعية تدرك طبيعة حقوقها وواجباتها، ولتحقيق ذلك يجب العمل على وضع منظومة من الأدوات الكفيلة التي تعمل على تربية وتنشئة المواطنين تنشئة صالحة باهتمام واشراف حكوماتنا أولاً ثم مجتمعنا العربي الأصيل لكي ننمي أبعاد معرفية ومهارية ووجدانية ونعززها في نفوس أبنائنا المواطنين.
كما يتوجب علينا كمجتمع مدني عربي العمل بجد واخلاص وبأمانة على غرس مفهوم وحدتنا الوطنية لنضع نموذجاً يحتذي به للاندماج البشري الذي يجب أن يستوعب جميع الانتماءات المجتمعية بكافة شرائحها كالانتماء القبلي والطائفي والطبقي، حيث بدأت العديد من حكوماتنا العربية على وضع استراتيجيات وأنظمة تضمن تنشئة المواطن الصالح الذي تقع عليه مسؤولية الحفاظ على وحدته الوطنية وترسيخ مفاهيم وسلوكيات المواطنة وقيّم الولاء والانتماء الوطني.
وكذلك العمل على تحديد الظواهر والسلوكيات السلبية التي تتعلق بالمواطنة والولاء والانتماء للوطن، والتعامل معها بما تقتضيه مصلحة وطننا العربي، وكل ما تم ذكره أعلاه لا يتحقق إلا من خلال بناء استراتيجية وطنية عربية متكاملة تعمل على استهداف تعزيز مفاهيم المواطنة لدى المواطنين للحفاظ على وحدتنا الوطنية، وتكريس قيّم الولاء والانتماء للوطن، وتحصين هويتنا العربية وحمايتها من الممارسات السلبية والانحرافات السلوكية الدخيلة على مجتمعاتنا العربية.
فجميعنا يعلم بأن الوحدة الوطنية هي الدرع الواقي لمجتمعنا العربي الذي يصد عنه كافة المخاطر والتهديدات الأمنية والتحديات المستقبلية، لذلك فإن الحفاظ على وحدتنا الوطنية وحمايتها ليس فقط من مسؤوليات حكوماتنا وحدها بل تقع أيضاً على عاتق مجتمعنا العربي أفراداً وجماعات ومنظمات حكومية وخاصة ومنظمات المجتمع المدني،
حيث أن المساس بوحدتنا الوطنية أمراً لا مجال للتغاضي عنه بأي حال من الأحوال، لأن ذلك يمس أهم الثوابت الوطنية ويهدد ركيزة الأمن والاستقرار في منطقتنا العربية بأكملها، فيجب مواجهة كل التهديدات والتحديات التي تستهدف زعزعت مظاهر المواطنة وقيم الانتماء والولاء للوطن، لتقوية روابطنا الاجتماعية ومنع اختراق منظومة قيمّنا ومعتقداتنا العربية الأصيلة.