متابعة/خيري عبدربه
في تحليل سياسات الولايات المتحدة وإسرائيل في الفترة الحالية (2025)، يمكن ملاحظة توجهات تُذكر بمبادئ *الميكافيلية* (الغاية تبرر الوسيلة)، خاصة في تعاملهما مع القضايا الإقليمية والدولية. إليك أبرز الجوانب التي تعكس هذا النهج:
—
1. *السياسة الإسرائيلية: التركيز على الأمن القومي بأي ثمن*
– *غزة والضفة الغربية*:
– تتعامل إسرائيل مع الصراع في غزة بمنطق “القوة المفرطة”، حيث دمرت معظم البنية التحتية للقطاع وقتلت عشرات الآلاف كرد فعل على هجمات حماس، مع تجاهل متكرر للتداعيات الإنسانية . كما تضغط جماعات اليمين الإسرائيلي لضم أجزاء من الضفة الغربية، رغم التحذيرات الدولية من تآكل حل الدولتين .
– هناك خلافات داخل الحكومة الإسرائيلية حول إدارة غزة ما بعد الحرب، بين رغبة البعض في إعادة الاحتلال العسكري ورفض آخرين تسليم الإدارة للسلطة الفلسطينية أو حماس .
– *إيران والنووي*:
– تُظهر التقارير الاستخباراتية أن إسرائيل تفكر في ضرب المنشآت النووية الإيرانية حتى لو أدى ذلك إلى حرب إقليمية، معتمدة على دعم أمريكي محتمل رغم مخاطر التصعيد . هذا يعكس استعدادها لتحقيق أهدافها الأمنية عبر وسائل متطرفة.
—
2. *السياسة الأمريكية تحت إدارة ترامب: البراغماتية فوق المبادئ*
– *الدعم غير المشروط لإسرائيل*:
– أظهر ترامب دعمًا واضحًا لليمين الإسرائيلي، مثل تأييده لضم الأراضي الفلسطينية وتعيين مسؤولين أمريكيين (مثل السفير مايك هاكيبي) ينكرون وجود الشعب الفلسطيني . كما هدد بفرض “الجحيم” على المنطقة إذا لم تُطلق سراح الرهائن الإسرائيليين، مع التركيز على تحقيق “النصر” بغض النظر عن التكلفة الإنسانية .
– *الضغط على إيران*:
– على الرغم من تصريحات ترامب عن تفضيله الاتفاق النووي مع إيران، فإن إدارته تدرس فرض عقوبات أقسى وحتى دعم ضربات عسكرية إسرائيلية، متجاهلةً احتمالية تفجير الأوضاع الإقليمية .
– *التلاعب بالتحالفات الدولية*:
– تعتمد سياسة ترامب على “صفقات القوة”، مثل محاولة دفع التطبيع بين إسرائيل والسعودية دون حل القضية الفلسطينية، رغم رفض المملكة الواضح لذلك . كما سحبت أمريكا تمويل وكالة “الأونروا” رغم اعتماد ملايين الفلسطينيين عليها .
—
3. *التداعيات المحلية والدولية*
– *التضحية بالاستقرار الداخلي*:
– في إسرائيل، قد يؤدي استمرار الحرب في غزة إلى تفجير أزمات داخلية، مثل التحقيقات في فشل أمني محتمل وانهيار الائتلاف الحكومي . ومع ذلك، تُفضل الحكومة تجنب هذه المخاطر عبر تمديد الصراع .
– *تآكل الشرعية الدولية*:
– سياسات مثل الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وضم الجولان تتعارض مع القانون الدولي، لكنها تُبرر باسم “المصالح الأمريكية والإسرائيلية” .
—
4. *الميكافيلية في السياق التاريخي*
– تعكس هذه السياسات استمرارًا لنهج تاريخي في العلاقات الأمريكية-الإسرائيلية، حيث تُستخدم القوة والعقوبات كأدوات رئيسية لتحقيق الأهداف:
– في ولاية ترامب الأولى، تم الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني واغتيال قاسم سليماني كجزء من سياسة “الضغط الأقصى” .
– اليوم، يُعاد إنتاج هذا النموذج مع تركيز أكبر على الصفقات الأحادية الجانب، مثل محاولة إعادة تشكيل الشرق الأوسط عبر تطبيع العلوات دون حل النزاعات الجذرية .
—
الخلاصة
السياسات الحالية لأمريكا وإسرائيل تُظهر ميلًا واضحًا نحو تبني **مبادئ ميكافيلية**، حيث تُبرر الوسائل القاسية (كالحروب والعقوبات وانتهاك القانون الدولي) لتحقيق أهداف استراتيجية مثل الأمن القومي أو الهيمنة الإقليمية. ومع ذلك، فإن هذه السياسات تحمل مخاطر كبيرة، مثل تفاقم الأزمات الإنسانية وتقويض الاستقرار الإقليمي، مما قد يُعيد المنطقة إلى دوامة عنف جديدة.