متابعة/ خيري عبدربه
كيف يمكن اختراق أجهزة بحيث يمكن التحكم فيها بشكل متزامن لدرجة أنه يمكن تفجيرها في نفس الثانية تقريبا؟
أسئلة عديدة تحوم حول التفجيرات المتزامنة التي استهدفت أجهزة اتصال «بيجر» تستخدمها عناصر حزب الله اللبناني، واستفهامات كثيرة حول هجوم يفاقم توترا ينذر بخروج الأمور عن السيطرة
ورغم المعلومات والمعطيات الواردة بالتصريحات والتقارير المختلفة، يظل المسار الفني للعملية هو المثير للفضول، خصوصا فيما يتعلق بتفجير أجهزة الاتصال تلك بشكل متزامن وفي أكثر من بلد.
عملية خرق يعتبرها خبيران أمنيان «نوعية جدا بعد زرع إسرائيل فيروسات خبيثة في بطارية تشغيل الهواتف المحمولة، وتسهيل عملية دخول المئات من هذه الأجهزة إلى داخل لبنان».
ويرى الخبيران، في قراءات منفصلة لـ«العين الإخبارية»، أن هذه العملية «تعد الأكبر ضد حزب الله في إطار الصراع مع تل أبيب».
وأسفرت التفجيرات عن مقتل 9 أشخاص على الأقل وأصيب نحو 2800 شخص من عناصر حزب الله ومقربين منهم في جنوب لبنان والضاحية الجنوبية لبيروت.
وقالت وكالة أنباء لبنان إن إسرائيل وراء خرق أجهزة “البيجر” في البلاد.
فيما لفتت وزارة الصحة اللبنانية إلى وجود “عدد كبير من المصابين بجروح مختلفة تتوافد إلى المستشفيات اللبنانية، وتبين بصورة أولية أن الإصابات تتصل بتفجير أجهزة لاسلكية كانت بحوزة المصابين”.
وطلب حزب الله من عناصره عدم استخدام الهواتف المحمولة لتفادي أي خرق إسرائيلي، ووضع بديلاً عنها نظام اتصالات خاص به.
وأعلنت الخارجية اللبنانية أن ما حدث “هجوم سيبراني إسرائيلي أدى إلى تفجير عدد كبير من أجهزة الاتصال بيجر في مناطق لبنانية عدة”.
وقالت الوزارة، في بيان تلقت العين الإخبارية نسخة منه، إن “هذا التصعيد الاسرائيلي الخطير والمتعمد يترافق مع تهديدات إسرائيلية بتوسيع رقعة الحرب باتجاه لبنان على نطاق واسع، وتصلب المواقف الإسرائيلية الداعية إلى مزيد من سفك الدماء والدمار والخراب”.
كيف انفجرت؟
في تعقيبه، قال مجاهد الصميدعي، الخبير الأمني الدولي، والباحث في “المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات”، إن “ما حدث هو هجوم سيبراني واسع النطاق، وهو جزء من الحرب التي تشنها إسرائيل في المنطقة”.
وأوضح الخبير الأمني وفقا لما توفر لديه من معلومات أولية، أن “إسرائيل زرعت فيروسات خبيثة في بطارية تشغيل الهواتف المحمولة، ما أدى إلى تسخين هذه البطاريات ومن ثم وصولها لمرحلة الانفجار بسبب درجة الحرارة الشديدة”.
وأضاف أن المعلومات تشير إلى أن إسرائيل بدأت التخطيط لهذه العملية منذ نهاية العام الماضي، وأنها سهلت عملية دخول المئات من هذه الأجهزة إلى داخل لبنان، والتأكد من أن حزب الله اللبناني استحوذ على جزء كبير منها، لما لها من قدرة على خلق شبكة اتصالية سرية.
وبحسب الخبير في المركز الأوروبي، فإن ما حدث هو “عملية خرق نوعي أرادت إسرائيل من خلاله أن تثبت للبنان ودول المنطقة التي تتصدى لإسرائيل أن قدرة إسرائيل ليست عسكرية فقط وإنما على كل الأصعدة من ضمنها السيبرانية”.
ويعتبر اختراق الاتصالات من الأساليب التي تتبعها إسرائيل للوصول إلى أهدافها، حيث يعد اغتيال فؤاد شكر مثالا حيا على الوصول إلى الأهداف من خلال الاتصالات.
الشفرات
من جانبه، قال الدكتور جاسم محمد، مدير المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب ومقره ألمانيا، إن “ما حدث في لبنان بتفجير مجموعة من منظومة هواتف أو أجهزة بيجر المحمولة يشكل عملية تخريب مقصود وخرقا أمنيا كبيرا”.
وأبرز الخبير الأمني الدولي أنه “من الناحية الفنية، هناك خرق أمني تمثل في وصول اسرائيل للشركة المصنعة والشفرات التي تستخدم وأرقام البيجر المحمول للأشخاص والبيانات”.
وتابع أنه “من خلالها يمكن إرسال عن بعد وموجات كهرومغناطيسية لاسلكية في سبيل تسخين البطاريات، فيبدو هذا ما حدث”
وإزاء ما جرى، ذهب جاسم محمد إلى أن “ما حدث يعني أن شكل الصراع أو المواجهة بين إسرائيل وحزب الله بدأت تتوسع وتأخذ شكل الحروب السيبرانية”، مشيرا إلى أن “هذا النوع من العمليات يفقد الثقة بين عناصر حزب الله، ويثير الكثير من القلق داخل المجتمع اللبناني”.
ومنذ اندلاع الحرب بقطاع غزة في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، يتبادل حزب الله وإسرائيل القصف بشكل يومي عبر الحدود اللبنانية الإسرائيلية.