بقلم يحي خليفه

مشاهدات عديدة في الواقع تؤشر إلى حالة من الاهتزاز النفسي أصابت بعض المصريين فأفقدتهم قدرتهم على الثبات الانفعالي في مواجهة مشكلات الحياة والثبات الانفعالي يعنى ببساطة أن يؤدى الإنسان فى المواقف الضاغطة أو غير الاعتيادية بنفس درجة الاتزان النفسي التي يتميز بها في مواجهة المواقف العادية. الحوادث التي وقعت مؤخراً وكان أبطالها أزواجاً وزوجات، قام أحدهم بطعن زوجته حتى الوفاة، وقامت إحداهن بطعن زوجها بعد «خناقة بيوت» عادية، ذكرت في تحقيقات النيابة أنه حاول خنقها فانفعلت وتناولت سكيناً وطعنت به الزوج فسقط قتيلاً.
فى شوارع المحافظات أصبح أهل القرى والأرياف يعاينون مشاهد جديدة كل الجدة عليهم في التعبير عن البهجة فى الأفراح. سبق وحكيت لك عن مشهد «عبدة الشيطان» الذى أداه مجموعة من الشباب في المنصورة وتسبب فى مصرع فتاة، حين اشتعل بعض العبدة بالانفعال وأخذوا يطلقون النار من إحدى أنابيب البوتاجاز فطارت فى الهواء وأصابت فتاتين توفيت إحداهما. مشهد آخر شهدته شوارع الغربية مؤخراً حين قام بعض الشباب الفرحين بنقل أثاث عروس بخلع ملابسهم «الفوقانية» وانخرطوا فى فاصل رقص مرعب وخادش للحياء أثار استياء الأهالي.
على مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت العروض والاستعراضات الشاذة التي يقوم بها فتيات وشباب حدثاً يومياً يشعل «التريند» على هذه المواقع، ويدفع وسائل الإعلام إلى الدخول في الزفة. فعلى الخط الواصل بين فتاة التيك توك إلى فتاة الهوهوز يظهر لك حجم الارتباك النفسي الذى وقع فيه البعض. هذه المشاهد وغيرها تعبِّر عن حالة من حالات الانفلات النفسي، قد يكون السبب فيها ضغوط الحياة -بشقيها النفسي والمادي- كما يظهر في الجرائم الأسرية التي تكاد تصبح من الجرائم اليومية في مصر، أو الرغبة فى إثبات الذات، كما هو الحال في مشاهد الشباب العرايا أو عبدة الشيطان، فالإحساس بالإهدار قد يفقد النفس ثباتها الانفعالي، أو الرغبة في تحقيق المال، كما هو الحال في عروض واستعراضات بعض الفتيات والأزواج والزوجات على مواقع التواصل.
ثمة أمران خطيران في هذه المسألة: الأول أن فقد الثبات الانفعالي يتمدد داخل حياتنا من يوم إلى آخر، ليحتل مساحات جديدة، ويظهر له أبطال جدد إذا رآهم الشخص في أحوالهم الطبيعية فإنه لا يتوقع مطلقاً أن يأتوا بالسلوكيات الغريبة التى أتوا بها أو يوقعون أنفسهم في المشكلات التي وقعوا فيها. أما الأمر الثاني فيتعلق بالقاسم المشترك الأعظم الذى يجمع ما بين أبطال الحوادث والأحداث التي تشهد على غياب الثبات الانفعالي، فكلهم في عمر الشباب، وهم أيضاً متنوعون على مستوى الجنس (ذكور وإناث)، وعلى مستوى التعليم (منهم الحاصل على شهادات جامعية والمتعلم تعليماً متوسطاً)، ومنهم من يعيش في الريف ومنهم من يعيش في الحضر