خرجت اجتماعات باريس بعدد من التوصيات ورسائل الدعم للإدارة السورية الجديدة، لكن هناك عدة تحديات وضمانات ينبغي للحكومة السورية الجديدة بقيادة أحمد الشرع تحقيقها وتقديمها للقوى الإقليمية والدولية في مقدمتها تحقيق الاستقرار وبناء الدولة وألا تصبح سوريا بؤرة لزعزعة الاستقرار الإقليمي.
وتتمثل الأولوية الملحة لدى الحكومة السورية الانتقالية حالياً هي رفع العقوبات المفروضة على سوريا بشكل كامل والتعهد ببدء تمويل عمليات الإعمار وإعادة بناء الاقتصاد السوري، وهو ما يتطلب الالتزام بتقديم عدد من الأفعال وليس الأقوال والتعهدات الشفهية.
وبالرغم من رسائل التطمينات التي يبعث بها أحمد الشرع للمجتمع الدولي والقوى الإقليمية إلا أن الإجراءات التي اتخذتها سلطات الحكم في سوريا حتى الآن لا تشير إلى إدماج جميع المكونات العرقية والدينية في البلاد وبما لا تتوافق مع رؤية القرار 2254، وفي مقدمتها قوات سوريا الديمقراطية “قسد” وضرورة دمجها في في الجيش الوطني السوري.
كما أن استمرار وجود «داعش» يشكل مصدر خطر على كل العملية الانتقالية في سوريا، وعلى جيرانها، وعلى أوروبا، وهو ما يريد الغرب الاطمئنان له وعدم إعادة بعث التنظيم من جديد، أيضا اجتثاث جذور النفوذ الإيراني في سوريا.
كما أن الغرب يريد إعادة اللاجئين السوريين ولذا يريد من الإدارة السورية الجديدة توفير الأمن لكل السوريين بحيث تصمت الأسلحة في كل مكان ولا تعود سوريا ملاذاً للتنظيمات الإرهابية التي يمكن أن تهدد أمن جيرانها، وبالتأكيد منع تهريب المخدرات ولاسيما الكبتاجون إلى دول الجوار الإقليمي.
وانعقد في باريس مؤتمر دولي حول الوضع في سوريا، بمشاركة ممثلين من عشرين دولة من بينها دول مجموعة السبع الكبرى، إضافة إلى الاتحاد الأوروبي، والأمم المتحدة، وجامعة الدول العربية، ومجلس التعاون لدول الخليج العربي، وترأس الاجتماع وزير الخارجية الفرنسي، جان – نويل بارو، وذلك بحضور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي شارك في النقاشات.
وأكد البيان الختامي للمؤتمر، ضرورة دعم الحكومة السورية الانتقالية في سعيها لتحقيق التحول السياسي في البلاد، بناءً على تطلعات الشعب السوري للحرية والكرامة، ودعم جهود بناء سوريا حرة، موحدة، ومستقرة ومندمجة في محيطها الإقليمي والدولي.
وشدد المشاركون على أهمية نجاح العملية الانتقالية، من خلال اتباع مبدأ قيادة هذا التحول بواسطة الشعب السوري، مع مراعاة المبادئ الأساسية لقرار مجلس الأمن 2254 /2015.
وتم التأكيد على ضرورة بناء مؤسسات الدولة السورية وإعادة هيكلة الجيش والأجهزة الأمنية لخدمة أمن الشعب السوري.
وأشار البيان إلى دعم المجتمع الدولي لمبادرة تنظيم مؤتمر الحوار الوطني الذي أعلن عنه الرئيس السوري في 30 يناير 2025، بمشاركة كافة قطاعات المجتمع السوري، بما في ذلك ممثلو الجاليات السورية في الخارج.
وأكد المشاركون ضرورة دعم عملية العدالة الانتقالية في سوريا والعمل على محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات السابقة.
وأقروا أهمية العمل على منع عودة الجماعات الإرهابية إلى الأراضي السورية، محذرين من الأعمال الإرهابية المستمرة في البلاد.
وتم التأكيد على ضرورة إنهاء الأعمال العدائية ودعم جهود توحيد الأراضي السورية عبر حل سياسي تفاوضي.
كما تناول البيان الختامي ضرورة زيادة المساعدات الإنسانية إلى سوريا، وتحفيز الدعم لعملية إعادة الإعمار، وتأكيد الدور الحاسم للأمم المتحدة في هذا الصدد.
وأكد المشاركون أهمية تأمين عودة اللاجئين السوريين إلى وطنهم بشكل آمن وكريم.
وشدد المجتمعون على أهمية إنشاء مجموعة دعم للانتقال السوري لضمان استمرارية الحوار ودعم التنسيق الإستراتيجي بين الدول الداعمة لمستقبل سوريا الآمن والمستقر.
وأعربوا عن دعم الجهود المبذولة من قبل السلطات السورية لضمان حقوق الإنسان والحرية لكل السوريين، مؤكدين أهمية التعاون المستمر لتحقيق السلام والاستقرار في سوريا والمنطقة بأسرها.