تمر سوريا بمرحلة حرجة بعد سنوات من النزاع المسلح الذي دمر البنية التحتية وأدى إلى خسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات.
وتركز الجهود حاليا على إعادة إعمار البلاد، لكن هذا التحدي يواجه العديد من الصعوبات والعوائق سواء على الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
ومنذ اندلاع الأزمة في عام 2011، تضررت العديد من المدن السورية الكبرى مثل حلب، دمشق، حمص، ودير الزور. وشمل الدمار المباني السكنية، المنشآت الصحية، المدارس، محطات الكهرباء، شبكات المياه والصرف الصحي، فضلاً عن تدمير الآثار التاريخية.
قدرت أحدث دراسة لبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية (UN-Habitat) والصادرة في عام 2022، أن إعادة إعمار سوريا سيتكلف مئات المليارات من الدولارات، خاصة خسائر البنية التحتية إذ تشير التقارير إلى أن أكثر من نصف الشعب السوري قد فقدوا مساكنهم.
لا يوجد إحصاء دقيق لكلفة إعادة إعمار سوريا، لا سيما وأن عملية حصر الخسائر تتطلب دراسة تفصيلية للواقع على الأرض، بما يتضمن تحديد حجم ومدى الخسائر فيما تتواتر تقديرات متفاوتة تعكس فجوة واسعة في قراءة المشهد.
وفي العام 2018، قال مسؤول أممي إن سوريا بحاجة إلى 300 مليار دولار لإعادة الإعمار. وفي ديسمبر/كانون الأول 2021، أشار المبعوث الرئاسي الروسي ألكسندر لافرنتييف، إلى تقديرات بقيمة 800 مليار دولار ككلفة لإعادة الإعمار. وكان الأمين العام لجامعة الدول العربية، قد قدّر التكلفة بـ900 مليار دولار.
ويقدر تقييم الأضرار الذي أجراه البنك الدولي والذي شمل 14 مدينة سورية أن التكاليف الإجمالية لإعادة بناء البنية التحتية المادية تتراوح بين 6.3 إلى 8.5 مليار دولار، بما في ذلك الأضرار التي لحقت بالإسكان وأنظمة المياه والصرف الصحي والمدارس والمستشفيات والمباني العامة وشبكات الطاقة والطرق والاتصالات التي تضررت أو دمرت أو تآكلت بسبب نقص الصيانة، فيما تقدر الأضرار الإجمالية للشبكات الكهربائية والمحطات بـ4.3 مليار دولار.
كيف يتم التمويل؟
تعتبر تعبئة التمويل لإعادة تأهيل البنية التحتية تحديا في سوريا، لذا فإن تعظيم الموارد من المساعدات أمر بالغ الأهمية لتحسين حياة السكان، ومع تحسن إيرادات الحكومة تدريجيا تتحسن أيضا إمكانية تمويل إعادة تأهيل البنية التحتية.
ونشرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر تقريرين يؤكدان على ضرورة قيام منظمات الإغاثة الدولية بمعالجة العجز الحرج في البنية التحتية الأساسية.
وأشارت إلى أنه إذا لم يتم اتخاذ أي إجراء، فقد تنهار أنظمة الخدمات الأساسية بأكملها في العقد المقبل. مؤكدة أن عدم القدرة على تدعيم البنية التحتية الأساسية على مدى العقد الماضي أدى للدمار الحالي.
ومنذ الأيام الأولى للأزمة في سوريا، قدم مجتمع المانحين الدوليين مليارات الدولارات للإغاثة الإنسانية لملايين السوريين داخل البلاد إلى جانب أولئك الذين تمكنوا من الفرار إلى دول أخرى تأثرت بالعنف والاستغلال من قبل أطراف متعددة في الصراع.
وبشكل عام، تختلف التقديرات حول تكلفة إعادة إعمار سوريا بشكل كبير، فبينما يرى البعض أن إعادة البناء قد تتطلب مئات المليارات من الدولارات، يعتقد آخرون أن الكلفة قد تكون أقل، فيما تبقى الحاجة إلى خطة شاملة تواكب التحديات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية التي يواجهها البلد هي المعلومة المؤكدة.