وجهت إسرائيل ضربة محدودة لإيران تحت سقف تعهدات قطعتها تل أبيب للولايات المتحدة الأمريكية فيما أشارت تقارير إلى أن طهران كانت على علم بالتوقيت والأهداف.
وتنقل الضربة المهندسة، المواجهة بين إسرائيل وإيران من خانة العمل العسكري لدائرة الدبلوماسية الخشنة المصاغة بأبجدية النار ضمن حدود لهجة مضبوطة على القياسات الأمريكية.
ويقول العميد المتقاعد والخبير العسكري اللبناني خالد حماد، إن “ضربة اليوم (السبت) لن تكون الضربة النهائية، لكن ما يمكن اعتباره كقاعدة ثابتة أن كل ما يتم من ضربات بين الجانبين يتم تنسيقه تحت شروط الولايات المتحدة التي لا يمكن الخروج عنها من قبل الطرفين، حيث إنها ضربات يتم إبلاغ الفريق الآخر عنها”.
وكانت المواجهة المباشرة بين الجانبين بدأت في أبريل/نيسان الماضي حينما ردت إيران على قصف قنصليتها في دمشق بهجوم بطائرات مسيرة على إسرائيل احتاجت نحو 5 ساعات للوصول من مرابضها إلى أهدافها ما سهل إسقاطها.
وردت إسرائيل على الضربة التي أطلقت عليها طهران اسم “الوعد الصادق” بهجوم على قواعد عسكرية إيرانية تكتم عليها الجانبين.
لكن حينما قتل أمين عام حزب الله اللبناني حسن نصر الله ردت إيران بعملية الوعد الصادق2، مطلع الشهر الجاري في عملية استخدمت فيها طهران نحو 200 صاروخي باليستي.
وجاءت ضربة فجر السبت ردا على العملية الأخيرة، بعد أسابيع من الوعيد الإسرائيلي برد قاس وغير متوقع.
وأوضح الخبير اللبناني حمادة أن الضربات بين الجانبين تدخل ضمن قواعد اشتباك أمريكية تلتزم بها إسرائيل وإيران، بما يعني أن هذا الاشتباك متاح ولكن هذا الاشتباك متاح دائما بما تقبل به واشنطن.
وأشار إلى أن الضربة في ذاتها لا تغير شيء في واقع المشهد العام في الشرق الأوسط، بمعنى أنها لا تغير في المعادلات بين إسرائيل وحزب الله ولا حتى في غزة.
ويعتقد الدكتور وجدان عبدالرحمن، الخبير في الشأن الإيراني المقيم في بريطانيا، في حديث خاص لـ”العين الإخبارية، أن إيران في الفترة الحالية لن ترد بسبب محدودة الضربة الإسرائيلية، وحتى التسريبات التي قامت بها الولايات المتحدة لإيران يدل بأن إدارة جو بايدن في التوقيت الحالي لا تريد مزيدا من التصعيد وحتى (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو في الوقت الراهن لا يريد مزيدا من التصعيد لكي لا يحرج الأخير أو يخسر الديمقراطيين، حيث إن فرصة كامالا هاريس المرشحة الديمقراطية ما زالت قائمة في الفوز بالانتخابات المقبلة “.
عبد الرحمن نوه إلى أنه عقب الانتخابات الرئاسية الأمريكية ربما يكون الأمر مختلفا، حيث ستكون إسرائيل قد أكملت دفاعاتها الجوية من منظومات ثاد، وستعمل على مباشرة استهدافها لطهران؛ لأن موضوع الملف النووي الإيراني يشكل قضية مصيرية بالنسبة لها.
وأشار إلى أن في السابق كانت هناك حرب بالوكالة بين إيران وإسرائيل، لكن الآن أصبحت الحرب مباشرة بين الطرفين”.
من جانبه، يرى الدكتور ألبير فرحات، الخبير الاستراتيجي المقيم في فرنسا، في حديث خاص لـ”العين الإخبارية”، أن التوتر بين إيران وإسرائيل سيشهد تصاعدًا بعد الضربات المتبادلة، خاصة في ضوء رغبة نتنياهو في إبقاء الأزمة في الشرق الأوسط قائمة للحفاظ على تماسك حكومته.
وتوقع الخبير الاستراتيجي أن تسعى إيران لرد من جانبها لكن تحت سقف يمكن تمريره إسرائيليا.
وأعلنت وزارة الخارجية الإيرانية اليوم السبت، إن إيران “لها الحق وملزمة بالدفاع عن نفسها ضد أعمال العدوان الخارجية”، بعد الغارات الجوية الإسرائيلية على أهداف عسكرية إيرانية.
ووصفت الوزارة في بيان الهجوم الإسرائيلي بأنه انتهاك للقانون الدولي، وقالت إن طهران “تدرك مسؤولياتها تجاه السلام والأمن بالمنطقة”.
وشنت إسرائيل، فجر السبت، ضربات على إيران قالت إنها دقيقة واستهدفت بطاريات ومصانع صواريخ، ردا على هجوم صاروخي واسع شنته طهران عليها مطلع الشهر، بينما أكّدت طهران تعرضها لهجوم إسرائيلي “ألحق أضرارا محدودة”.
وأعلنت طهران في وقت سابق اليوم مقتل 4 جنود جراء الهجمات الإسرائيلية. وهذا أول هجوم ضد إيران تعترف به إسرائيل بشكل رسمي داخل الأراضي الإيرانية.