تتزايد المخاوف بشأن مستقبل الاقتصاد البريطاني في ظل الهيمنة الأمريكية المتزايدة على القطاعات الرئيسية في المملكة المتحدة.
على مدار عقود، أصبح الاقتصاد البريطاني معتمدًا على الشركات الأمريكية الكبرى، ما يثير تساؤلات حول ما إذا كانت بريطانيا ستظل قادرة على الحفاظ على استقلالها الاقتصادي، حيث تشير التقارير إلى أن 25% من الناتج المحلي الإجمالي البريطاني يعتمد على مبيعات شركات أمريكية متعددة الجنسيات تعمل في بريطانيا، وفقًا لصحيفة «الجارديان» البريطانية.
بدءًا من قطاع التكنولوجيا إلى الصناعة المصرفية، تهيمن الشركات الأمريكية مثل جوجل وفورد وأمازون على السوق البريطاني، ففي السنوات الأخيرة، شهدت بريطانيا موجة من الاستحواذات الأمريكية على شركات تكنولوجيا بريطانية بارزة، مثل استحواذ شركة جوجل الأمريكية على شركة ديب مايند البريطانية للذكاء الاصطناعي، ما أثر بشكل كبير على الاقتصاد البريطاني، الأمر الذي قد يُضعف من قدرة بريطانيا على الحفاظ على مكانتها كمركز تكنولوجي عالمي.
فقدان الملكية الفكرية.. هل يتم استعمار بريطانيا اقتصاديًا؟
العديد من الشركات البريطانية المبتكرة في مجالات الفضاء والتكنولوجيا الحيوية قد تم الاستحواذ عليها من قبل شركات أمريكية، ما يؤدي إلى تراجع قدرة الاقتصاد البريطاني على السيطرة على أسواق حيوية، ليكشف حصاد 2024، عن مخاوف من أن بريطانيا قد تصبح “دولة تابعة” للشركات العملاقة في الولايات المتحدة، ما يهدد استقلالها الاقتصادي والسياسي.
لا شك أن الاقتصاد البريطاني يواجه تحديات كبيرة في ظل هذا التوسع الأمريكي المستمر، حيث أشار رجل الأعمال النمساوي، هيرمان هاوزر، إلى أنه ينبغي أن تركز المملكة المتحدة على السيطرة على التكنولوجيا المحلية وتوفير الوصول الآمن والمفتوح لها، واتخاذ خطوات لحماية الابتكار البريطاني وضمان ألا يصبح الاقتصاد البريطاني تابعًا دائمًا للشركات الأمريكية الكبرى.
كيف تستفيد الولايات المتحدة من هيمنتها الاقتصادية؟
تستفيد الولايات المتحدة الأمريكية، بشكل كبير من الهيمنة على الشركات البريطانية، حيث تنتقل العديد من المقرات الرئيسية إلى الأراضي الأمريكية، ما يعزز من ازدهار المدن الأمريكية، كما تستغل الشركات الأمريكية متعددة الجنسيات التهرب الضريبي على نطاق واسع، ما يضر بشكل كبير بالاقتصاد البريطاني.
فمن خلال تقنيات مثل بيع المنتجات عبر أيرلندا ذات الضرائب المنخفضة أو استخدام الملاذات الضريبية البريطانية، يتم تقليص الضرائب المستحقة في بريطانيا بشكل مصطنع، ما يؤدي إلى فقدان الإيرادات الحكومية التي كانت ستصل إلى 10 مليارات دولار سنويًا داخل الاقتصاد البريطاني.
وأشارت «الجارديان» البريطانية، إلى أنه يجب على الممكلة المتحدة أن تميز بين الاستثمار المفيد والمدمر لحماية الاقتصاد البريطاني من الهيمنة الأمريكية، حيث يتعين على بريطانيا التركيز على تعزيز شركات التكنولوجيا المحلية، ودعم البحث العلمي، لبناء قاعدة اقتصادية قوية ومستقلة، بدلاً من الاستمرار في التبعية للولايات المتحدة.
وأكدت الصحيفة البريطانية ذاتها، على أنه من الضروري أن يعزز الاقتصاد البريطاني الاستثمار في التعليم الجامعي، تمامًا كما تفعل الولايات المتحدة، مشيرة إلى أن الاستثمار في هذه المجالات هو المفتاح لبناء «اقتصاد معرفي.. قوي ومنافس».
وأخيرًا، فمن خلال الاستفادة من العلاقات الاقتصادية مع الاتحاد الأوروبي، أشارت «الجارديان»، إلى أنه يمكن لـ الاقتصاد البريطاني أن يحقق نموًا أكبر من خلال بناء علاقات اقتصادية أقوى مع جيران المملكة المتحدة الأوروبيين، وهو ما يعزز الاستقلالية الاقتصادية ويقلل من التأثيرات السلبية للاعتماد المفرط على القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة.