في ظل تصاعد التوترات السياسية والاقتصادية بين ضفتي الأطلسي، تتجه الأنظار إلى مؤتمر ميونيخ للأمن، حيث سيلتقي نائب الرئيس الأمريكي، جي دي فانس، مع السياسي الألماني، فريدريش ميرز، المرشح الأبرز لقيادة الحكومة المقبلة في برلين.
يحمل هذا اللقاء دلالات كبرى حول مستقبل العلاقات الأمريكية الألمانية، التي باتت تتأرجح تحت وطأة سياسات ترامب، من التجارة إلى أوكرانيا، وسط تساؤلات عما إذا كان التحالف التقليدي بين البلدين سيظل مُتماسكًا أم أنه يُواجه اختبارًا قاسيًا في عهد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب بعد عودته مرة أخرى لـ البيت الأبيض.
في أول تواصل رفيع المستوى بين مسؤول من إدارة دونالد ترامب الثانية والمحافظين الألمان، يستعد نائب الرئيس الأمريكي جي دي فانس للقاء فريدريش ميرز، على هامش مؤتمر ميونيخ للأمن، وتأتي هذه المحادثات في توقيت حساس، حيث يتطلع ميرز، الذي يسعى لقيادة ألمانيا بعد الانتخابات البرلمانية المقرر إجرائها خلال الشهر الجاري، إلى توضيح موقف بلاده من سياسات ترامب، التي تعيد تشكيل العلاقات عبر الأطلسي.
كيف سيتعامل الألمان مع خطط ترامب؟
يعد ملف أوكرانيا أحد أهم القضايا المطروحة في اللقاء، حيث يترقب الأوروبيون الملامح الأولية لخطة ترامب للسلام، وسط مخاوف من أن تشمل تنازلات غير مقبولة لكييف، أما ميرز، الذي تعهد سابقًا بتوحيد أوروبا في مواجهة سياسات ترامب، أعرب عن قلقه قائلا: “يبدو أن واشنطن لديها مقترحات سنراها في مؤتمر ميونيخ للأمن، وأنا في غاية الفضول حول ما ستقدمه”، وفقًا لصحيفة «بوليتيكو» الأمريكية.
التوتر التجاري بين برلين وواشنطن ليس جديدًا، لكنه تصاعد بعد قرار ترامب الأخير بفرض الرسوم الجمركية بنسبة 25% على واردات الصلب والألمنيوم، إلا أن هذه الخطوة تمثل ضربة قوية للصناعات الألمانية التي تعتمد على التصدير، وقد تؤدي إلى تصعيد اقتصادي خطير بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، ما يجعل مؤتمر ميونيخ للأمن ساحة حاسمة لمفاوضات صعبة بشأن مستقبل التجارة.
هل تصمد العلاقات عبر الأطلسي أمام سياسات ترامب؟
إدراكًا لحجم التحديات، يعتزم ميرز عقد سلسلة من الاجتماعات مع قادة أوروبيين ودوليين لتعزيز الموقف الأوروبي تجاه سياسات ترامب، ومن بين اللقاءات المرتقبة اجتماعه مع الأمين العام لحلف شمال الأطلسي «الناتو» مارك روته، ووزير الخارجية الصيني، وانج يي، إضافة إلى زعماء دول الشمال الأوروبي، في خطوة تهدف إلى إيجاد بدائل استراتيجية تحمي المصالح الأوروبية في ظل نهج دونالد ترامب المتغير.
مع استمرار التحولات السياسية والاقتصادية، يبقى هناك سؤال، هل سيتمكن القادة الأوروبيون من التأقلم مع سياسات ترامب، أم أن التحالف الأمريكي الألماني يواجه خطر التصدع؟، في ذات الوقت الذي سيكون فيه لقاء جي دي فانس، وفريدريش ميرز في ميونيخ اختبارًا أوليًا لشكل العلاقة بين برلين وواشنطن في السنوات القادمة، حيث تتجه الأنظار إلى ما إذا كانت المصالح المشتركة ستتغلب على الخلافات المتزايدة أم أن أوروبا ستضطر لإعادة رسم سياساتها بعيدًا عن المظلة الأمريكية التقليدية…