بقلم السيد شلبي
التعاملات اليومية بين الناس وبعضهم البعض أصبحت تؤسس لمرحلة جديدة من الإنتحار الإنساني الذاتي الإختياري فالمجرم خفي اما المجني عليه فهو الجاني على نفسه فكما يقال الجاهل عدو نفسه…
بالطبع ليس المعنى هنا بالجاهل انه من يجهل القراءة والكتابة لكن القصد الحقيقي بمن يجهل او يعي المواقف التي يتعرض لها في حياته بمعاملاتها اليومية مع الآخرين سواء في العمل او في الأسرة مع الأقارب مع الجيران ، في الشارع…
لقد اصبحنا على موعد مع إبليس في أغلبية مسببات الحياة ، فلو أخذنا مثلا على مانحن فيه من جرائم القتل الغير مبررة ، الغريبة علينا بتفاصيلها لوجدنا ان ماوصلنا اليه ماهو إلا جهل بالحياة الأسرية ، جهل بالإستخدام الأمثل لأجهزة التواصل الإجتماعي ، وجهل بكافة التعاملات بين الأزواج وجهل من تَفهم لكل طرف للآخر ، فنحن أصبحنا نُجرم في حق أنفسنا بعاطفة هشة سرعان ماتنتهي بمأساة حقيقية لهدم أسر ثم هدم مجتمع متكامل.. كلنا نرى حجم الكارثة التي نحن بصددها لكن نصم آذاننا ونغمض أعيننا مرغمين امام مانعانيه من مستنقعات إقتصادية حفرها لنا من يعبثون باحلامنا لنغرق ويكون هدفنا كيفية الخروج منها…
فهل هذا يصح ؟ تذوب ثقافتنا بأصالتها امام اعيننا بأجهزة بلهاء وتواصل مقطوع بعدم الشرف موصول بالغرائز البهيمية بأشخاص تحلم أحلام الثراء بفحش تعري الأجساد بلا نخوة من رجال وازواج يصنعون مواقف بنسائهم من زوجات وبنات كسلعة رخيصة بتقديمها للعالم بمقابل مادي فبهذا يعالج الفقراء فقرهم النفسي وبهذا يحلم الحالمون ويكتوي المجتمع بنيرانهم الشرسة في القضاء على هوية قيمنا الموجودة لننحدر الى ماهو ادنى من الجاهلية التي كانت عصية على هذه الأفعال هكذا فمن منا لا يعاتب نفسه على وقوفه عاجزا أمام مصائبنا دون خطوات إيجابية للحد من مانحن فيه…
لقد اصبح كل واحد فينا يحمل بداخله شخص ميت متعفن من كثرة مايشعر به من ألم على الآخرين عند مشاهدة العنف والقتل والمفاسد والبلطجة والأحوال المقلوبة لماذا لا نتحرك بمحاولات لأخذ المدمن للعلاج ، والذهاب الى الأسرة التي بها مشاكل زوجية وعمل توعية صحيحة للزوجين من أهل الشارع أو المنطقة وإلزام المخطئ بعدم تكرار لماذا تخلينا عن هذه العادات والتقاليد المتوارثة ؟ سيدات العائلة والجيران يجلسوا مع الزوجة لتوعيتها وتفهيمها بما لها وما عليها تجاه زوجها والرجال يقوموا بنفس الدور مع الرجل وواجباته وحقوقه…
طبعا سنجد من يعارض ذلك بقوله مين فاضي للمواضيع دي ياعم انت فضيت.. نقوله الناس دي موجودة بالفعل وحتفضي نفسها لهذه الأدوار بسعادة ورضا ففي كل شارع وحارة ناس كبار السن خبرة محترمين وناس متعلمة الجميع يوقرهم متدينين يجب العودة اليهم في مثل هذه الأمور ولكنهم يخشون ممانحن فيه من عدم احترام الكبير البلطجة الفحش ففضلوا الإنزواء والبعد ، هؤلاء هم الحراس الحقيقيون للمجتمع فلنعيد دورهم في كل منطقة بعد ان تلاشى دور المؤسسات الرسمية في احتواء الأزمات الإجتماعية التي تكاد ان تعصف بنا…
ان حراس المجتمع الغير رسميين لهم دورا غاية في الأهمية يجب مساندته بكافة أنظمة المجتمع والتوعية به ودعمه للحفاظ على الإرث الإجتماعي الذي تم إغتياله بالتلاعب به بالتغلغل الإعلامي ووسائل الإتصال الجمعي المُصدًر لنا الذي يحمل لنا كل الموبقات والأوذار فاصبحنا نتناغم معه ونسير على خطاه معصوبين الأعين مجبرين لا نملك له خيار…
وسط اوحال الطين وبرك من الدم وهم في بلدانهم يصفوننا بالدمويين… فلماذا لا نعيد صياغة أنفسنا لماذا لا نقف بإجراءات مستعجلة لوقف هذه الهجمات المقصودة… قلناها سابقا ومرارا نحن غير مؤهلين علميا لإستقبال هذه الثقافات والأفكار الدخيلة علينا فالموبايل أصبح كارثة الكوارث.. والإعلام اصبح احد توابعه الضالة بلا رؤية أو هدف لدرجة اننا أصبحنا في عالم آخر إفتراضي لانفيق منه الا بكارثة فهذا هو إقتلاع الجذور فهل هناك من يعيد ترابط الاسرة بعد تفكيكها وتحللها وهل هناك مثبت لها ؟ الله وحده يتولى امرنا.